انتظر الجميع وبشغف شديد وأنا منهم خطاب السلطان قابوس الذي القاه يوم الرابع من أكتوبر أمام مجلس عمان وبحضور أفراد الأسرة المالكة الكريمة وأصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة السفراء
ومعي أن العمانيين عادة ما يحتفلون بعيديهم (عيد الجلوس وعيد ميلاد السلطان الذي يطلق عليه العيد الوطني )في غير هذا التاريخ إلا أن أهمية الخطاب المرتقب كانت اكبر من التوقف عن التواريخ وأهميتها ، إذ أن الخطاب السامي يأتي في سياق عبور السلطنة العقد الرابع لنهضتها المباركة التي قادها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ، وشكلت تحولا ومنعطفا هاما في تاريخ عمان والعمانيين نقلها من أتون الظلام والتخلف والجهل والمرض والفقر المدقع إلى مصاف الدول المتحضرة
(على الأقل المتحضرة في مفهوم ابن خلدون للحضارة)
ورغم أهمية الحدث وقدسية المناسبة ، وتطلع الشعب إلى ما قد يحمله الخطاب من توضيحات لمسيرة النهضة في المرحلة المقبلة باعتبارها مرحلة انتقالية جديدة تأخذ في الاعتبار أن الدولة قد أكملت بنيتها التحتية ونظمها التشريعية إلى حد كبير ،وتوالد فيها جيلان أصبحت متطلباتهم وآمالهم اكبر بكثير من رصف الشوارع ومد أسلاك ا لكهرباء وإنشاء المراكز الصحية التي أصبحت من مسلمات الدولة العصرية التي لا تستوجب الشكر ولا المنة من احد وخاصة من الحكومة ، التي فقدت قدسيتها و تغير مفهومها في نظر الأجيال الشابة قياسا بنظرة جيل ما قبل النهضة
ورغم ذلك كانت مدة الخطاب قصيرة جدا إلى درجة عليق عليه الكاتب المعروف خير الله خيرالله بانه اقصر خطاب لزعيم عربي في التاريخ ، اذا لم يستغرق أكثر من خمس دقائق
فسر البعض ذلك بأن السلطان عادة ما يتحدث عن الخطوط العريضة فقط، بينما يترك التفاصيل لتتحدث عن نفسها على ارض الواقع ، فيما يرى آخرون أن خطابات السلطان في مناسبات وطنية اقل أهمية كانت أطول من ذلك بكثير ،وأحيانا كانت تغوص في تفاصيل دقيقة جدا ، فلماذا الخطاب الأهم والمرتقب هذه المرة قصيرا وخاليا من التفاصيل والأجوبة المنتظرة على التساؤلات التي تشغل بال الجميع على المستوى القطري و الإقليمي وحتى الدولي عن مرحلة ما بعد الأربعين ؟
الخطاب الإعلامي الرسمي اتصف كعادته بالوقوف عند نقطة آخر السطر ، ولم يكلف نفسه أكثر من نقل الخطاب وإشادات وسائل الإعلام ، وعد القنوات الفضائية التي شاركت في نقل الخطاب دون أن يقوم بدور توضيحي ، أو تسليط الضوء على ما بين السطور ، أو إبراز بعض تفاصيل المرحلة المقبلة ، تلك التفاصيل دون شلك تهم المواطن ، وتبعث في نفسه الطمأنينة حتى لا يبقى فريسة المفاجآت والتكهنات التي عادة ما يصاحبها التضخيم التهويل والتخبط العشوائي الذي يخلق البلبلة ويهيئ الأرضية المناسبة للإشاعات ا لمغرضة ، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن لغة الخطاب في نظري أتت وكأنها على طريقة الآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)
رغم ذلك لا يملك كل من تابع الخطاب السامي وتمعن في لغته وفحواه بدقة إلا أن يتوقف عند نقطتين أساسيتين تمحور حولهما الخطاب بوضوح تام وبكل تأكيد أن ذلك لم يكن من نافلة القول.
النقطة الأولى تأكيد السلطان على أهمية المكان الذي انطلقت منه مسيرة النهضة المباركة(ظفار) ورمزيته
النقطة الثانية الرفض المطلق والأكيد لتدخل الآخرين في شؤون السلطنة الداخلية
وفي تصوري أن الحديث عن هاتين النقطتين كانتا ابعد ما تكونا عن توقع أي مواطن لخطاب سيؤرخ لمرحلة جديدة من مسيرة النهضة العمانية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية وربما الدستورية ، إذ أن انطلاق أي مسيرة نهضوية أو حركة إصلاحية أو ثورية من أي نقطة من ارض الوطن لا يعطيها قدسية أكثر من غيرها فتراب الوطن يتساوى في القدسية
كما أن رفض التدخل في الشؤون الداخلية للسلطنة من مسلمات السياسية العمانية التي تم تأكيدها منذ اليوم الأول لتولى السلطان مقاليد الأمور و تم تأكيدها بعد ذلك مرات عدة ومن خلال مناسبات وطنية وتصريحات رسمية وعلى أعلى المستويات حتى أصبح ينطبق عليها القول المشهور (إن المعروف لا يعرف )
اذا لماذا أكد السلطان على هاتين النقطتين؟ الجواب ليس بالبساطة والسطحية التي قد يتصورها البعض بحيث يتصور الأمر وكأنه مجرد تأكيد على مسقط رأس السلطان ومرتع الطفولة والصبا ، فالحديث في المناسبات الكبرى والعظمى ونطق القادة العظام يسمو فوق العاطفة وخوالج النفس ، خاصة حينما يضع حديثهم معالم للطريق ويرسم خارطة مستقبل الوطن والأجيال القادمة، وحتى لا أخوض بعيدا في تفسير مبنى على اجتهاد لا تتوفر له معطيات كافيه فسوف أتوقف عند ما قد تعنيه تلك الإشارتين وما تحملانه من رسائل إلى الجوار فترسم له الخطوط الحمر لما قد تجلبه زلازل المنطقة من تحولات إقليمية يصعب التكهن باثارها وابعادها واطماعها ، وظفار ربما تكون الاقرب الى مواطن الفتن ومخاطره وهى كما قال الشاعر (يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم ) وعلى من تعنيه الرسالة ان يعيها جيدا
كما أن الرسالة الواضحة برفض التدخل في الشؤون الداخلية في هكذا مناسبة ربما تعبر عن توجس السلطة ومخاوفها من تطورات وفتن تجتاح بعض دول المنطقة وتخشى من امتداداتها الإقليمية التي أصبحت تهدد الجميع وقد تجد لها صدى في الداخل ، ولعلى لا أكون قد أبعدت ألنجعه إن قلت أن الرسالة في مفهومها تتجاوز أبعادها الإقليمية والدولية لتنعكس ارتداداتها إلى الداخل حتى يأخذ الجميع الحيطة والحذر فيحجم من قد يفكر أو يراهن على الخارج أو من قد تراوده أحلام اليقظة.
هكذا يمكن أن نقول أن الخطاب كان خطابا امنيا بامتياز
وهكذا أيضا تكثر التساؤلات وبقدرها تقل الإجابات ولا يبقى إلا انتظار الغد وما تحمله الأيام.
حفظ الله عمان وقائد نهضتها وشعبها الابي.
ومعي أن العمانيين عادة ما يحتفلون بعيديهم (عيد الجلوس وعيد ميلاد السلطان الذي يطلق عليه العيد الوطني )في غير هذا التاريخ إلا أن أهمية الخطاب المرتقب كانت اكبر من التوقف عن التواريخ وأهميتها ، إذ أن الخطاب السامي يأتي في سياق عبور السلطنة العقد الرابع لنهضتها المباركة التي قادها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ، وشكلت تحولا ومنعطفا هاما في تاريخ عمان والعمانيين نقلها من أتون الظلام والتخلف والجهل والمرض والفقر المدقع إلى مصاف الدول المتحضرة
(على الأقل المتحضرة في مفهوم ابن خلدون للحضارة)
ورغم أهمية الحدث وقدسية المناسبة ، وتطلع الشعب إلى ما قد يحمله الخطاب من توضيحات لمسيرة النهضة في المرحلة المقبلة باعتبارها مرحلة انتقالية جديدة تأخذ في الاعتبار أن الدولة قد أكملت بنيتها التحتية ونظمها التشريعية إلى حد كبير ،وتوالد فيها جيلان أصبحت متطلباتهم وآمالهم اكبر بكثير من رصف الشوارع ومد أسلاك ا لكهرباء وإنشاء المراكز الصحية التي أصبحت من مسلمات الدولة العصرية التي لا تستوجب الشكر ولا المنة من احد وخاصة من الحكومة ، التي فقدت قدسيتها و تغير مفهومها في نظر الأجيال الشابة قياسا بنظرة جيل ما قبل النهضة
ورغم ذلك كانت مدة الخطاب قصيرة جدا إلى درجة عليق عليه الكاتب المعروف خير الله خيرالله بانه اقصر خطاب لزعيم عربي في التاريخ ، اذا لم يستغرق أكثر من خمس دقائق
فسر البعض ذلك بأن السلطان عادة ما يتحدث عن الخطوط العريضة فقط، بينما يترك التفاصيل لتتحدث عن نفسها على ارض الواقع ، فيما يرى آخرون أن خطابات السلطان في مناسبات وطنية اقل أهمية كانت أطول من ذلك بكثير ،وأحيانا كانت تغوص في تفاصيل دقيقة جدا ، فلماذا الخطاب الأهم والمرتقب هذه المرة قصيرا وخاليا من التفاصيل والأجوبة المنتظرة على التساؤلات التي تشغل بال الجميع على المستوى القطري و الإقليمي وحتى الدولي عن مرحلة ما بعد الأربعين ؟
الخطاب الإعلامي الرسمي اتصف كعادته بالوقوف عند نقطة آخر السطر ، ولم يكلف نفسه أكثر من نقل الخطاب وإشادات وسائل الإعلام ، وعد القنوات الفضائية التي شاركت في نقل الخطاب دون أن يقوم بدور توضيحي ، أو تسليط الضوء على ما بين السطور ، أو إبراز بعض تفاصيل المرحلة المقبلة ، تلك التفاصيل دون شلك تهم المواطن ، وتبعث في نفسه الطمأنينة حتى لا يبقى فريسة المفاجآت والتكهنات التي عادة ما يصاحبها التضخيم التهويل والتخبط العشوائي الذي يخلق البلبلة ويهيئ الأرضية المناسبة للإشاعات ا لمغرضة ، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن لغة الخطاب في نظري أتت وكأنها على طريقة الآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)
رغم ذلك لا يملك كل من تابع الخطاب السامي وتمعن في لغته وفحواه بدقة إلا أن يتوقف عند نقطتين أساسيتين تمحور حولهما الخطاب بوضوح تام وبكل تأكيد أن ذلك لم يكن من نافلة القول.
النقطة الأولى تأكيد السلطان على أهمية المكان الذي انطلقت منه مسيرة النهضة المباركة(ظفار) ورمزيته
النقطة الثانية الرفض المطلق والأكيد لتدخل الآخرين في شؤون السلطنة الداخلية
وفي تصوري أن الحديث عن هاتين النقطتين كانتا ابعد ما تكونا عن توقع أي مواطن لخطاب سيؤرخ لمرحلة جديدة من مسيرة النهضة العمانية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية وربما الدستورية ، إذ أن انطلاق أي مسيرة نهضوية أو حركة إصلاحية أو ثورية من أي نقطة من ارض الوطن لا يعطيها قدسية أكثر من غيرها فتراب الوطن يتساوى في القدسية
كما أن رفض التدخل في الشؤون الداخلية للسلطنة من مسلمات السياسية العمانية التي تم تأكيدها منذ اليوم الأول لتولى السلطان مقاليد الأمور و تم تأكيدها بعد ذلك مرات عدة ومن خلال مناسبات وطنية وتصريحات رسمية وعلى أعلى المستويات حتى أصبح ينطبق عليها القول المشهور (إن المعروف لا يعرف )
اذا لماذا أكد السلطان على هاتين النقطتين؟ الجواب ليس بالبساطة والسطحية التي قد يتصورها البعض بحيث يتصور الأمر وكأنه مجرد تأكيد على مسقط رأس السلطان ومرتع الطفولة والصبا ، فالحديث في المناسبات الكبرى والعظمى ونطق القادة العظام يسمو فوق العاطفة وخوالج النفس ، خاصة حينما يضع حديثهم معالم للطريق ويرسم خارطة مستقبل الوطن والأجيال القادمة، وحتى لا أخوض بعيدا في تفسير مبنى على اجتهاد لا تتوفر له معطيات كافيه فسوف أتوقف عند ما قد تعنيه تلك الإشارتين وما تحملانه من رسائل إلى الجوار فترسم له الخطوط الحمر لما قد تجلبه زلازل المنطقة من تحولات إقليمية يصعب التكهن باثارها وابعادها واطماعها ، وظفار ربما تكون الاقرب الى مواطن الفتن ومخاطره وهى كما قال الشاعر (يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم ) وعلى من تعنيه الرسالة ان يعيها جيدا
كما أن الرسالة الواضحة برفض التدخل في الشؤون الداخلية في هكذا مناسبة ربما تعبر عن توجس السلطة ومخاوفها من تطورات وفتن تجتاح بعض دول المنطقة وتخشى من امتداداتها الإقليمية التي أصبحت تهدد الجميع وقد تجد لها صدى في الداخل ، ولعلى لا أكون قد أبعدت ألنجعه إن قلت أن الرسالة في مفهومها تتجاوز أبعادها الإقليمية والدولية لتنعكس ارتداداتها إلى الداخل حتى يأخذ الجميع الحيطة والحذر فيحجم من قد يفكر أو يراهن على الخارج أو من قد تراوده أحلام اليقظة.
هكذا يمكن أن نقول أن الخطاب كان خطابا امنيا بامتياز
وهكذا أيضا تكثر التساؤلات وبقدرها تقل الإجابات ولا يبقى إلا انتظار الغد وما تحمله الأيام.
حفظ الله عمان وقائد نهضتها وشعبها الابي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق