"مؤسسات المجتمع المدني" مصطلح غير مفهوم، غامض، غير معروف، لا يقبل التَّعريف بالنِّسبة إلى الأغلبية السَّاحقة من العُمانيين، فماذا يعني المجتمع المدني أوَّلاً؟ وماذا تعني مؤسساته ثانيًا؟ هل المدني نقيض العسكري؟ ثم ماذا بعد؟ هل المقصود هو جمعيَّة المرأة العُمانية مثلاً؟ الأندية الرياضيَّة؟ الجمعية العمانية للمعوقين؟ جمعيَّة الكُتَّاب العُمانيين؟ جمعية الصحفيين؟ الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان؟ كلام كثيرٌ وممارسات لا يُعقَد عليها أيُّ أمل، لأن المعنى الكامن في "المدني"، المعنى المتعارف عليه في جميع أنحاء العالم يميع هنا، ولا يتبقَّى من جوهره إلا خلاصةً مضحكة! فما من مؤسسة في عُمان إلا وأنف الدولة محشور فيها حشرًا، فكيف يمكن إطلاق هذه الصِّفة (مؤسسات مجتمع مدني) على مؤسسات لا تُمَارِس دورها المفترض، وإن مارسته فبتعليماتٍ من الدولة؟! إن مسمَّاها الأصحّ في هذه الحالة هو "مؤسَّسات الدولة"، حالها كحال الهيئات الحكومية. ولولا أن الدولة هي من يقوم بتمويل تلك المؤسسات لتوقفت عن العمل الواجهاتي- باعتبارها الواجهة المُلمِّعة لسيرة الدولة- الذي تقوم به، ومن أين ستستطيع الاستمرار إن لم تموِّلها الدولة؟ إن تمويل الدولة بمثابة عقد اتفاقٍ غير معلنٍ بينها وبين تلك المؤسسات مقابل أن تبقى مفرغة من روح عملها، لذلك لا يستغرب أحدٌ في عُمان أن تُعيِّن الدولة شخصًا على رأس مؤسسة ثقافية- مثلاً- دون أن تكون له علاقة تُذكر بمفردات تلك المؤسسة وصميم عملها، ولا أحد سيعترض ويرفض تدخُّل ذلك الدخيل المجلوب لأغراض أخرى! هذا كله يناقض ما تقوم عليه أي مؤسسة مجتمع مدني حقيقية، ألا وهو الحرية والاستقلال، ناهيك عن أن دور مؤسسات المجتمع المدني الأهم هو تقويم سلوك الدولة ومساءلتها وتوعية المجتمع بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتعبئة الرأي العام كي يمثل معارضةً سلمية ضاغطة على الحكومة.إذًا لا تتعلَّق المسألة فقط بالتمويل المادي القادم من الحكومة، بل وبمن هم على رأس تلك المؤسسات، فهؤلاء أكثرهم جاءت به الدولة. "الانتخاب" عمليَّة تمويهيَّة داخل إطار داخل إطارٍ آخر. هناك في هذه المؤسسات من يقف في الخلف ويراقب كل شيء؛ عيون السلطة بالمرصاد دائمًا. ولأن هذا الأمر بدأ مبكِّرًا فبعد تراكم السنواتٍ تثبت فعاليته على الميدان، وتجد المعنيين أنفسهم لا ينأون فقط عن فهم دور مؤسسات المجتمع المدني، وإنَّما يبررون مواقفهم المخزية بالالتفاف والتمويه والكذب، لأن الانخراط في تلك المؤسسات يُلبِّي حاجات لا تُذكر مقابل التفريط الشنيع في الدور الواجب القيام به. إن أي نقاش هنا سيفتقر إلى اللغة المناسبة كي يتسم بالمنطق والوضوح، أي مناقشة المنخرطين في تلك المؤسسات، القابلين لأقل القليل والمنن والتوجيهات والخطوط الحمراء، وهذا يعود إلى أن المعادلة الموضوعية غير متحققة، إذ لا يمكن اعتبار (مؤسسات المجتمع المدني) لدينا معادلاً موضوعيًّا لمؤسسات المجتمع السياسي. مؤسسات المجتمع المدني لدينا ليس لها أي موقف نقدي فاعل تُجاه القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ولا تؤشر على مواطن الفساد في الحكومة وتتخذ موقفًا سلبيًّا صامتًا حيالها. إنها تترهل في النهاية وينالها العطب والروتين والتكرار وينفض الناس من حولها وتصبح حلبة لسباقات المسافات الطويلة.إن إمعان النظر في ما يُسمَّى جُزافًا "مؤسسات مجتمع مدني" في عُمان يبين عن أن عملها خال من عمل مؤسسات المجتمع المدني المفترض. يجب رفع يد الحكومة بصورة كليَّة عن مؤسسات لا علاقة لها بها على الإطلاق، يجب النظر في قانون الجمعيات الأهلية العُماني.الخطاب المدائحي المعتاد يتسيَّد الموقف بعد كل نشاط أو قضية، وفي كل "سانحة"، خطاب مهلهل يفيض بالنفاق والتبجيل ويخلط كل شيء بكل شيء. للتدليل على هذا الدور الخطر الذي ينحرف بطريق مؤسسات المجتمع المدني نحو ما يمكن نعته بـ المؤسسات المُقنَّعة نسوق مثالاً طازجًا، ألا وهو "بيان" جمعية الكتاب العُمانيين إثر النطق بالحكم في قضيتي الكاتب علي الزويدي، فهذا بيانٌ فيه من الأكاذيب ما يُدين جمعية الكتاب ويُطابق موقفها بالموقف الرسمي ويتمادى في التضليل وفرض واقع "ثقافي" يستغل اتساع رقعة الرأي العام ويُشكِّلها بروح تنفخها الحكومة، بيان قلب الحقائق رأسًا على عقب، فجعل القضاء متسامحًا نزيهًا والدولة دولة مؤسسات، ناهيك عن زرعه الوهم بأنه صادرٌ عن "جميع" الكتاب والمثقفين العُمانيين! على أولئك المتشدقين بنزاهة القضاء العُماني أن يحضروا جلسات المحاكم ويتابعوا تظلمات ودعاوى المواطنين العُمانيين، ثم بعد ذلك يصوغوا بيانهم، فواقع الحال يقول إن أغلب الدعاوى المقامة بالعشرات من قبل مواطنين ضد مؤسسات الدولة المختلفة، كوزارات الصحة والإسكان والداخلية، يُحكَم فيها لصالح الحكومة ووزرائها ومسؤوليها ضد المواطنين، دون الالتفات إلى القرائن والأدلة الدامغة على إجحاف مؤسسات الدولة وتجاوزها جميع الحدود القانونية وتسلطها واستقوائها على المواطنين، وأكثر من هذا تُمارس المحاكم العُمانية دور المُخادِع ولا تُبالي بانكشاف عدم نزاهتها وعدم استقلالها عبر "تكييفها" الأحكام لصالح مؤسسات الدولة. يا جمعيَّة الكتاب العُمانيين كثيرون يعرفون أن الحكم في قضية الكاتب علي الزويدي مسيَّس، ولولا الحملات الإعلامية التي قامت بها المنظمات والمؤسسات الحقوقية العربية والدولية ابتداءً من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حتى تجاوُزِ عدد المؤسسات المتضامنة 45 مؤسسة ومنظمة من مصر وسوريا وفلسطين والبحرين والسعودية والنروج وسويسرا وهولندا وفرنسا، وكان العدد مرشحًا للارتفاع فيما لو استمرت قضية الزويدي، ولولا أجهزة الإعلام الخارجية، وقناة "الحرة" بالخصوص، ولولا كتابات الكتاب، وخاصة من يكتبون في المنتديات والمدونات الإلكترونية مقابل الصمت المعيب من الإعلام والصحافة المحليين، لولا تضافر تلك الضغوط لكان الحكم أنكى، ولوجد الانتقام و"التأديب!" مكانهما بجرة قلم لا تُبالي بنزاهة ولا باستقلال، وبطريقة باردة وهدوء أعصاب هدفهما تعذيب الزويدي نفسيًّا ومعاملته كما يُعامل الإرهابيون، وهو ما حدث في أيام احتجازه الإحدى عشرة، ويكفي هنا تلخيص مشاهد الإرهاب- حسب "سيرة التحقيق والاحتجاز" التي رواها الزويدي ونشرها في أكثر من موقع إلكتروني- في اللقطات التالية: إخافة كاتب ومراقبته باستغلال الهاتف، تعكير صفو طمأنينته وأسرته في بيته، مداهمته ومصادرة ثلاثة أجهزة كمبيوتر وأقراص صلبة وأجهزة ذاكرة فلاش وأكثر من 120 قرصًا ممغنطًا، أكثر من ستة أفراد يقومون بعملية التفتيش، اعتقال الزويدي وتفاجؤه بوجود أكثر من خمس سيارات أمام منزله، سجنه بملابس السجن، ماء بارد جدًّا وجهاز تبريد يعمل في عز الشتاء، مجموعة عسكرية مسلحة، شِوال (أو كيس) يغطى به الزويدي، عسكري مسلح يضع إحدى يديه على مسدسه طوال الوقت! أصوات مزعجة صادرة من غرفة المراقبة تزداد حدة وتنخفض وتعاود حدتها ويختلط فيها صوت بشري بأصوات معادن غرضها منع السجين من النوم، زنزانة مضاءة طيلة أحد عشر يومًا. كل هذه الممارسات تحتقر الكاتب وتقمعه وتُخيفه وتُصادر حريته، وتتقصد إنهاكه نفسيًّا وإثارة الرعب في نفسه وإيصاله إلى حالة الانهيار وإجباره على الاعتراف بجرم لا يعد جرمًا إلا في بلاد مثل بلادنا. لو كانت جمعية الكتاب العمانيين فاعلة ومستقلة على صعيد المجتمع المدني وعلى صعيد دورها الثقافي لبادرت على الفور- ودون الاتصال بأعلى المسؤولين في الحكومة- إلى إدانة التحقيق والاحتجاز والتعذيب الذي تعرض له علي الزويدي والذي لا يحمل أيَّ صفة قانونية ويُعارض مواد النظام الأساسي للدولة ومواثيق حقوق الإنسان وحرية التعبير.في الوقت الذي صمتت فيه جمعية الكتاب العُمانيين عن الإدانة كان من بين موقعي النداء الموجه من المؤسسات الـ45 إلى جلالة السلطان قابوس جمعية مراقبة العدل في الصومال المصنفة في المركز 180 عالميًّا فيما يتعلق بحرية الصحافة! أي أن الظروف العسيرة التي تعمل جمعية مراقبة العدل الصومالية في خضمِّها، والأوضاع غير الخافية على أحد في بلد يُعاني شتى أنواع القمع والقتل والفوضى لم تحل دون استمرارها في محاولات إنقاذ الصحافيين المختطفين، كما لم تحل دون تضامنها مع الكاتب علي الزويدي. في وضع كهذا تعتبر جميع الأعذار والتبريرات أقبح من الذنوب.مؤسسات المجتمع المدني في عُمان لا تقوم على حرية التنظيم، وفعاليتها تقف عند الحدود المتواضعة لأنشطتها. نعم، ينبغي دائمًا القول: إن حالنا الآن أفضل بكثيرٍ ممَّا كان عليه الوضع قبل سنوات. هذا صحيح، وصحيحٌ أيضًا أننا سنصرف أعمارنا في ترديد هذه المقولات لإقناع أنفسنا بأننا غير مقصرين، بينما في بلدان أخرى تجاوزوا أوضاعنا المضحكة الشنيعة هذه منذ سنواتٍ طوال، ولذلك تقدمونا بمراحل سنبلغها بعد قرون، ولن نبلغها إلا بعد قرونٍ حَرْقُ المراحل خلالها سيكون أُلهيةً أخرى لن تُنجينا من "التطور الطبيعي" السُّلحفائي المتأخر. نحن أسرى مقولات مستهلَكة ومتهالكة وغير مفهومة، كمقولة "المواطن يُكمل دور الحكومة، أو إن كليهما يكمل دور الآخر"، وقد أثبتت التجارب أن أي مسؤول عُماني تفوَّه بقول كهذا فاجأ الأطراف الأخرى غير العُمانية وأثار استغرابها بخلخلته كل الموازين الطبيعية وظهوره بمظهر متفرد فريد يقلب المفاهيم المعقولة المتعارف عليها في بلدان كوكب الأرض.الكارثة في تبني "مؤسسات المجتمع المدني" لسياسات الحكومة- ومنها جمعية الكتاب العُمانيين- بهذه الممارسات التي تدس السم في العسل وتعزف من جديدٍ، وبطريقةٍ متناغمةٍ تمامًا مع المرحلة، على وتر الإنجازات، في وقتٍ يستدعي فيه الحال ألا يكون هنالك كذبٌ على أعلى سلطة في البلاد والتهويل الإيجابي لما حدث من زاوية اقتناص الفرصة للتشبث بالمكتسبات الضيقة. إن هذه المؤسسات تُنصِّب نفسها معوِّقًا آخر يشد من قبضة الحكومة الحديدية ويُؤازرها، وكم من الهول والخطر في التأثير الذي يخرق الوعي ويُعطِّل الزَّمن ويُنشئ أجيالاً مخدَّرة بالحكومة وإنجازات الحكومة وأفضال الحكومة والتهليل للحكومة، وكأننا لا نستفيد من تجاربنا أبدًا. ما من شك أن استبدال الطرق الوعرة والبوَّابات والسمك المُجفَّف والحمير بالشَّوارع الحديثة والسَّيَّارات والثَّلاجات والعمارات بالضرورة يرافقه تطور في الوعي، لكن الوعي مأسور بالماضي، بالخوف، بمرض المقارنة المزمن، بين ما قبل وما بعد، دائمًا، إلى أبد الآبدين، بتهويل كل رأي معارض لا ينغمس في التمثيلية أو لا يتفرَّج صامتًا. كان بالإمكان أن تنتشل لغة ذلك البيان نفسها من الرَّكاكة والمبالغة واللغة التي لم تكن لغة جمعية كتاب على الإطلاق، بل أقرب إلى أن تكون تصريحًا لمسؤول أدلى به- لغرض الدعاية والإعلان- لإحدى الصحف المحلية، وكأن الحكومة وجدت الآن اللحظة المناسبة لرد اعتبار- غير مُستحَقٍّ- إلى جهة انتهكت حقوق الإنسان، أو بمعنًى أكثر دقة: رد الاعتبار إلى نفسها! أمام هذه المثال الصاخب نتساءل: كيف إذن نفهم أن مؤسسات المجتمع المدني آليات وقنوات تعمل مستقلَّة عن الحكومة؟العُمانيون والمقيمون في عُمان ينتظرون منذ فترة بدء "لجنة حقوق الإنسان" العُمانية عملها بعد إعلان إنشائها في 15 من نوفمبر العام المنصرم، بمرسوم سلطاني حدَّد اختصاصاتها. إن هذه اللجنة حدث مهم قد يُحدِث انعطافة في البلاد، إلا أن هناك من يُعبر عن تخوفه من أن يصبح منصبا رئيس لجنة حقوق الإنسان ونائب رئيسها منصبين شرفيًّين في ظل هيمنة عدد من الوزراء والمسؤولين المتهمين بالفساد، أي أن حال هذين من حال أولئك، خاصة وأن هناك من قد يستغل تفسير المادة (3) من "ملحق أحكام لجنة حقوق الإنسان وتحديد اختصاصاتها": "تكون مدة العضوية في اللجنة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة"، فكم من مسؤول ظل سنواتٍ طوالاً مستأثرًا بمنصبه! وكما في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى التي يشرف عليها مجلس الوزراء سيؤول المعنى، في نهاية المطاف، إلى أن هذه اللجنة مؤسسة حكومية تنظر بمنظار الحكومة، وهي كذلك في جميع الأحوال، وحتى بالرغم من أن ثلاثة أعضاء من بين أعضاء اللجنة الأربعة عشر يُمثِّلون مجلس الشورى والاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان ومن العاملين في مجال القانون وثلاثة أعضاء من الجمعيات الأهلية إلا أن الكفة سترجح جانب الأعضاء الثمانية المتبقين ممثلي المؤسسات الحكومية. يستلزم الأمر إعادة النظر في قانون إنشاء الجمعيات الذي يمنع قيام أي مؤسسة مجتمع مدني حُرَّة لا تعمل كدعاية للحكومة، فمهما كان "شكل النزاهة" الذي ستُمثِّله هذه اللجنة ستُحتِّم الضرورة إنشاء مؤسساتِ ومنظماتِ حقوق إنسان أهلية مستقلة يمكنها كتابة ما يُسمَّى بـ "تقارير الظِّلّ": "يقتضي من الدول الأطراف بأي اتفاقية دولية تقديم تقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة عن التدابير التشريعية والقضائية وغيرها من التدابير التي اتخذتها الدول وفقا "لنصوص الاتفاقية". وتقدم هذه التقارير لكي تنظر فيها اللجنة المعنية بالاتفاقية. ولأنه في كثير من الأحيان لا تقدم الدول صورة حقيقية وفعلية عن أوضاع حقوق الإنسان على المستوى المحلي، فإنه من الضروري والمفيد أن تطلع لجنة الاتفاقية على صورة موضوعية وغير منحازة لأوضاع حقوق الإنسان من مصادر متنوعة، أهمها المنظمات غير الحكومية التي تقدم "تقارير موازية" لتقارير الحكومة أو ما يعرف بـ"تقارير الظل"". لكن إنشاء جمعيات حقوق إنسان أهلية سيُواجه الكثير من المعوقات ويستدعي تغيير قانون الجمعيات الأهلية، فهذا لا يتيح أي حرية أو استقلالية تستطيع أي جمعية ممارسة نشاطها من خلالها، وأغلب مواده الستين تشكل تقييدًا صريحًا للعمل المستقل بعيدًا عن مظلة وزارة التنمية الاجتماعية، إذ يكاد يكون الحل والربط وكل ما يدخل في صميم عمل الجمعية مرهونًا بوزارة التنمية الاجتماعية التي تُشرف على كل شيء، فحسب الـ "مادة (17): تخضع الجمعيات لرقابة الوزارة، وتتناول هذه الرقابة فحص تقارير تدقيق الحسابات السنوية التي تُجريها تلك الجمعيات على حساباتها، والتحقق من مطابقة أعمال الجمعية للقوانين ونظامها وقرارات الجمعية العمومية، ويتولى هذه الرقابة موظفون يكون لهم حق دخول مقر الجمعية والاطلاع على سجلاتها ودفاترها ووثائقها ومكاتباتها. كما يكون لهؤلاء الموظفين الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير صفة الضبطية القضائية فيما يقع من مخالفات لأحكام هذا القانون واللوائح الصادرة تنفيذاً له وتحرير المحاضر اللازمة بها واتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً بشأنها"!. وتحدد المادة (11) من قانون الجمعيات نوع النشاط المسموح به للجمعية، وتضع شروطًا عديدة ومطَّاطة وتعجيزية وقابلة للتأويل غير الدقيق، وفي النهاية، وبغض النظر عن أيِّ سبب، يكون الحسم بيد وزيرة التنمية الاجتماعية: "للوزارة حق رفض شهر الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة لخدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في مجال النشاط المطلوب أو إذا كان تأسيسها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها أو لأية أسباب تقدرها الوزارة. ويخطر مقدم طلب الشهر بخطاب مسجل برفض شهر الجمعية متضمنًا سبب الرفض، ولذوي الشأن التظلم إلى الوزير من قرار الرفض خلال شهر من تاريخ استلام مقدم الطلب الخطاب المشار إليه، ويعتبر القرار الصادر بالبت في التظلم نهائيًّا". وفي المحصلة تفتقد الجمعيات العمانية الاستقلالية، وتطوقها أجندة الحكومة بقوة قانون الجمعيات ومواده، ولا يوجد اتحاد عام لها، والمواد (17)، (28)، (31): "للوزارة أن توفد مندوباً عنها لحضور اجتماعات مجلس الإدارة للإدلاء بوجهـة نظرها في موضوع معين ترى أن المصلحة العامة تقتضي بحثه مع المجلس وللمندوب حق الاشتراك في مناقشة هذا الموضوع دون التصويت عليه"، والمادة (32): "يجب إبلاغ الوزارة بصورة من محاضر اجتماعات مجلس الإدارة، متضمنة ما اتخذ فيها من قرارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ كل اجتماع"، والمادة (33): "للوزير حق إبطال اجتماع مجلس الإدارة وما اتخذ فيه من قرارات إذا انعقد بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو نظام الجمعية، كما يجوز له أن يُبطل أي قرار يكون قد صدر من المجلس وشابه وجه من وجوه البطلان...."، والمادتان (34)، (37)، ما يتعلق بـ"مالية الجمعية" والإعانات الحكومية، والمادة (42)، (44)، (46)، (54) باب العقوبات، كل هذه المواد تقيد حرية عمل الجمعيات وتجعلها مجرد مُسمَّيات حالها كحال دوائر المؤسسات الحكومية. روح هذا القانون تقيد قيام أي جمعية مستقلة وتضيق الخناق على شتى الحقوق والحريات، وتحت ظلها يستحيل على الجمعيات الأهلية العُمانية العمل كمؤسسات مجتمع مدني.
منقول من مدونة/ مراحين
http://saltowayyah.katib.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق