تلك البلبة والتعتعه والحيرة التى وقع فيها صاحبنا يبدو انها مصاحبة دائما لكل حديث عن نون النسوة فقد وجدت نفسي اغوص في اوحالها وانا احاول ان افهم سر عقد البرلمانيات الخليجيات والقيادات النسويه بالخليج مؤتمرات ولقاءات متكرره متنقله بين دول لاتوجد فيها اى ممارسة ديمقراطية حقيقيه ولا حتى في اسوأ صورها
هذه الايام حطت البرلمانيات المبجلات رحالهن في سلطنة عمان التى لم تصل فيها امرأة ا لى مجلس الشورى في دورته الاخيرة وفشلن فشلا ذريعا في الحصول حتى على عدد معقول من الاصوات يحفظ ماء وجوههن ، الامر الذي يعكس حقيقة ثقافة المجتمع ورفضه لهذا الدور ، ويكشف الخطا الفادح الذي وقعت فيه الحكومه وهى تدفع بالمرأة الى ساحة المنافسه قبل ان تهيأ المجتمع لتقبلها .
وويحتار المرء حينما يسمع بتلك الاجتماعات التى تعقد في مجتمعات ينعدم فيها اى حراك سياسي شعبي ديمقراطي وتغيب فيها الحرية لاعلامية وحرية التعبير غيابا شبه كامل ، وتعم فيه اجواء الكبت والرقابة والممنوعات والمحرمات بحيث تصبح تلك الحوارات والنقاشات مجرد لقاءات برتوكوليه لا قيمة لها ، وتزداد الحيرة والبلبلة حينما ترى محاور اللقاء واجندة النقاش التى تدور حول قضايا وهمية ومنها على سبيل المثال
- التمثيل النسائي في الحقول السياسية كيفيته وماهيته .
- المرأة القيادية الخليجية في الأعلام الدولي.
- المرأة القيادية الخليجية في الإعلام الخليجي .
فالدول العربيه ليس فيها ممارسة ديمقراطية حقيقيه و ومن ثم لا مجال للخوض فى نقاش عن دور البرلمانيات الخليجيه لا نسائيه ولا رجاليه فتلك البرلمانات وجودها كعدمها باستثناء الكويت (والمفارقه ان الكويت الاكثر تقدما والاقرب الى الممارسة الديمقراطية لم تمنح النساء حق الترشح لمجلسها التشريعي الا مؤخرا وبعد معارك طاحنة مع التجمع السلفي) واذا كان هناك من مطالب او حوار حقيقي فالساحة الكويتيه هى الاحق بذلك بحكم ماتتمتع به من تنوع وهامش ديمقراطي معقول
فبقية البرلمانات الخليجيه للاسف هى اقرب الى ديكور معلق على حائط الانظمة السياسيه تجلب لها البركة والرضى من العالم الخارجي المتحضر وملهاة للشعوب المعتطشة لممارسة الديمقراطية في الداخل ، ومن ثم فأن وجود المرأة في هذه البرلمانات المشلولة او غيابها سّيان ، فالنقاش والحوار والدندنه حول هذه البرلمانات هى اقرب الى السفسطه منها الى شىء مفيد
هذه البرلمانات لاتملك حق التشريع ولا حق المحاسبة والمساءلة ولا حق الاعتراض على الموازنة الماليه ولا المصروفات
والمداخيل ولا حق التصديق على اى اتفاقيات تبرمها الحكومة مع اى جهه ولا حق اقالة الحكومات وتعينها و مراقبتها
فماذا يجدي دخول النساء لتلك البرلمانات الديوكوريه مادامت الانظمه العربيه تصر على قبض السلطة من تلابيبها وبشكلها المتوارث منذ عقود طويله ولا تقبل التكيف مع متلطبات العولمة والحضارة والتى من ضروريتها وجود برلمانات حرة وحقيقية اسوة ببقية دول العالم ،الامر الذي يجعل من الصعوبة بمكان اقامة حوارات ونقاشات مجدية حول اى دور مستقبلي سياسي للرجال كان او للنساء
في ظل وجود تلك البرلمانات المفلسة من اى صلاحية لايمكن للمواطن العربي المغلوب على امره ان نظر الى تلك المؤتمرات وما يواكبها من هالة اعلاميه الا نظرة تشاؤمية وشك وريبيه وتوجس من حقيقة اهدافها ا لتى بكل تاكيد لن تصب في مصحلة الشعوب او تحقق شيئا من تطلعاتها ،وانما ستظل دندنها شكليه تخدم الانظمة وتكرس سياستها في جعل البرلمانات مجرد ادة في يد السلطة
اننا دون شك نتشوق في الوطن العربي ومن المحيط الى الخليج الى حرية التعبير والممارسة الديمقراطية الحقيقية والمشاركة الفاعله في صنع حاضرنا ومستقبلنا ومستقبل اجيالنا حتى نتمكن من ان نضع اقدامنا على سلم الحضارة كبقية شعوب العالم وحتى يتحقق ذلك لابد ان نسعى رجالا ونساء جاهدين لاقناع الانظمة العربيه عامة والخليجيه خاصة بضرورة فتح باب حرية التعبير وحرية الاعلام وحرية تشكيل احزاب سياسية والتنازل عن بعض صلاحياتها وبذلك يمكن خلق حياة ديمقراطية حقيقيه تفرز برلمانات فاعله وليس مجرد ديكورات شكلية وزينة للناظرين
بعد ذلك يمكن مناقشة الدور النسوى في اجواء ديمقراطية وصحية يمكن للمرأة ان تجد الفرصة لتحقيق طموحاتها السياسية والاقتصادية والعلمية وان تدفع عن نفسها الغبن وتخرج نفسها من اطوار التهميش والتبعية وتثبت ذاتها وقدراتها الى جانب اخيها الرجل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق