الخميس، 1 أكتوبر 2009

اسم السلطنة يتصدر صحف العالم ووكالات الانباء ....

تذكرت والذكرى مؤرقة ما حدثني به صديقي الحشاش إبان رحلته الميمونة لطلب العلم في مصر الشقيقة على نفقة والده الخاصة وقد ضاقت به السبل وانقطع به الرجاء في الحصول على بعثة دارسيه على نفقة الحكومة الرشيدة بعد أن اخذ الهوامير اخذاتهم وحجزوا المقاعد من تحت الطاولة ومن فوق الطاولة لأبنائهم وذويهم وأصحاب الحقوق والواجبات عليهم بحكم حضورهم قسمة الطرطة المطرطره التي تتم بعيدا عن أعين الشعب

والد الحشاش رجل فقير، يعيل 13 نفسا يقسّم دخله الشهري إلى قسمين قسم لمصاريف دراسة الحشاش ويساوى ثلاثة أرباع الدخل وقسم لبقية الأسرة ويساوى ربع الدخل على أمل أن يعود الحشاش يوما بالشهادة ألجامعيه ويترزع في وظيفة حكوميه ترفع عن كاهل الأسرة بعض أعباء الحياة وضيق العيش

يقول الحشاش والعهدة على الرواى ، باع والدي البقرة والتيس وخاتمين من الذهب ورثتهم أمي عن أمها ، ا وابتاع لي التذكرة ولوازم السفر و الدراسة ،توكلت على ا لله وامتطيت صهوة الـ737 متوجها إلى ارض الكنانة ، وفيما كانت الـ737 تعبر عباب السحاب كانت روحي تعبر عباب الخيال الواسع بمستقبل مشرق يعوض والدي وإخواني سنين الحرمان والأسى وظلف العيش الذي كابدوه وسيكابدونه طوال فترة دراستي ، ولم اشعر إلا وصوت الطيار يدعونا إلى شد الأحزمة استعدادا للهبوط

حينما وضعت قدمي على تراب المحروسة مزهوا بلباسي الوطني وقد توشحت خنجرا عمانيا ورثه أبى عن جدي ، وأنا على يقين كالجبال أن شعب مصر كله بصعايدته وبشواته وعتاليه وفنانيه وفي مقدمتهم طيبة الذكر فيفي عبده رضي الله عنها سوف يستقبلونني بالترحاب والزغاريد باعتباري عمانيا نزل عليهم ببركة السماء من أعظم دولة شهدت نهضة جبارة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ،كما كان يردد تلفزيون عمان الملون والسخافة العمانية الغير مبجله

إلا أن المفاجآت الغير سارة توالت على رأسي كجلمود صخر حطه السيل من عل ، وعبارات الجهل والاستغراب تلسعني بسوط من لهيب كلما ركبت حنطورا ، أو جالست عرجبيا ، أو حاورت مثقفا ، أو طالبا جامعيا ، فالكل وبرباطة المعمل تتلبس وجوههم الدهشة ! وتعتريهم الحيرة ! حينما أقول لهم إني من عمان ، يقلبون أبصارهم في السماء لعلها تسعفيهم بأي شيء يذكرهم بتلك البلاد المجهولة ، حتى أحسست لكثرة جهلهم بالسلطنة وموقعها الجغرافي أني سقطت من المريخ سهوا أو أنى كأن فضائي أتى من درب أللبانه ، فعمان ويا لخيبة الأمل لم يسمع بها احد

قال الحشاش ابن أبى حشاش وقبل أن أموت هما وكمدا بذبحة صدرية أو سكتة قلبيه تداركني الله برحمته فساق لي رجلا وقورا من علية القوم تعرفت عليه في جلسة انس على رأس شيشة ، وبمجرد الحديث عن سلطنة عمان عرفها دون أن يستعين بصديق أو أن يحذف إجابتين أو يقلّب بصره في السماء ، فقال مبتسما نعم سلطنة عما بتاع قابوس الرجل الطيب ، فتهلل وجهي فرحا مسرورا إذ أخيرا وجدت من سمع بعمان

قال الحشاش بعد سنوات عجاف اضطررت أن أتأقلم فيها مع تلك الجهالة التي تحيط بي من كل حدب وصوب ، والنظرات التي ترمقني ، والتساؤلات التي لا تنقطع عن عمان وموقعها الجغرافي ، غير أني التمست الأعذار وان كانت واهية لكل مواطن عربي يجهل دولة عربية مكتملة النمو اسمها سلطنة عمان ، عضو في ألجامعه العربية ، والأمم ا لمتحدة ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، بعد أن أصبح الإنسان العربي بفضل أنظمته الفاشستية يدور في دوامة الفقر والفاقة و جل فكره محصورا في تامين لقمة عيشه

غير أن المفاجئة الكبرى كانت حينما خضنا عباب البحر المتوسط في طريقنا إلى ايطاليا في رحلة جامعية خصصت للطلبة المتفوقين وكنت واحدا منهم ، ففي قاعة كبيرة جمعت طلبة وأساتذة من مختلف الجامعات العربية والأوربية ، طلب منا احد الأستاذة أن نعرف بأنفسنا وببلداننا ، وحينما جاء دوري وقفت شامخا ،وعرفت بنفسي وقلت بكل فخر أنا من سلطنة عمان ، فاخذ الأستاذ ينظر ويهز رأسه شارد الذهن ! وكأنه يبحث في رقاقة ذاكرته عن ذلك الاسم الذي بدأ غريبا !! بعد لحظات صمت وتأمل سألني وأين تقع سلطنة عمان ؟قلت له في منطقة الخليج ، ابتسم وقال لي في دبي ؟؟ فقابلته أنا أيضا بابتسامة عريضة!! وقلت له عمان دولة عربية مستقلة ذات سيادة كاملة غير منقوصة ولا حبة خردل ، تقع بجوار دبي وليست في دبي !! ضحك الأستاذ وضحك الجميع معه ، قلت في نفسي حتى لا يسمعني احد فيظن أنى أتدخل في السياسة ، يا لخيبة الأمل حتى الأوربيين المثقفين لم يسمعوا بها !! يا ترى من المسئول عن هذه الجهالة

على كل حال تلك صفحة طواها الزمن ، و اسم السلطنة الذي عجز عن إبرازه وتعريف العالم به تلفزيون عمان الملون والسخافة العمانية التي أهدرت وتهدر وقتها على مناطحة الثيران ، وقص الاشرطه ، والتطبيل وتكريس ثقافة الجهل التسطيح ، قد أصبح أشهر من نار على علم وفي وقت اقصر مما يستطيعه أي شعب ، حتى لو كان من شعب الجبارين

فهاهي عمان اليوم يتصدر اسمها ورسمها الصفحات الأولى عربيا ودوليا وتحقق شهرة اكبر وأوسع من شهرة الجندي الإسرائيلي الأسير (شاليط) وليس ذلك لا قدر الله بسبب اكتشاف ألبرادعي مفاعلا نوويا لتخصيب اليورانيم على ضفاف خور رورى ، أو بسبب رصد الأقمار الامريكيه مصنعا لصناعة الصواريخ البالستيه أو حتى بندقية بوفتيله في سيح المسرات ،

وإنما كل تلك الشهرة التي حصدتها السلطنة وبيؤتها صدر الصفحات الأولى في كل أصقاع العالم يعود فضلة إلى فيروس لا تراه العين المجردة ولا حتى الكثير من الميكروسكوبات !! أطلق عليه العالم اسم فيروس الخنازير

هذا الفيروس الذي اجتاح العالم وارهب قلوب العذارى ، تمكن وبكل اقتدار وفي زمن قياسي من أن يضع اسم السلطنة في المرتبة الأولى بين الدول العربية وفي المرتبة الثالثة عشر بين دول العالم ، بعد أن تجاوز عدد ضحاياه الأحياء منهم والأموات الألفين نسمه حتى لحظة كتابة هذه السطور ، لتصبح السلطنة بين عشية وضحاها الاسم الذي لا يعذر احد بجهله

وإذا كان هناك من فضل لأحد بعد فيروس الخنازير في تحقيق هذه الشهرة العريضة لاسم السلطنة التي بلغت حتى جزر موريشيوس وأطراف جزر ألواق واق فهي بدون شك لوزارة الصحة ، وعلى رأسها وزيرها المبجل الذي اثبت وبما لا يدع مجالا للشك أن الخدمات الصحية في السلطنة مصابة بالعجز والترهل والضعف المميت

الأمر الذي يتوجب معه على الحكومة الرشيدة أن تعلق النياشين على صدر معالي الوزير ولجانه وفريقه الميمون عرفانا بهذا الانجاز العظيم الذي تحقق في وقت قياسي يصل إلى درجة الإعجاز وفق قواميس البشرية خاصة أن وزارة الإعلام وكوكبة صحف الموائد قد عجزت عن تحقيق تلك الشهرة لعمان حتى في محيطها الإقليمي رغم الدعم المالي الظاهر منه والباطن

باسم كل ضحايا وزارة الصحة ألإحياء منهم والأموات نتقدم بأعظم ايات الشكر والعرفان لوزارة الصحة على هذا الانجاز العظيم ، ونخص بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان معالي وزير الصحة وفريقه الإداري والطبي

وإنا لله وإنا إليه راجعون

مواطن مظلوم ومقهور ولا يتمتع بأي حقوق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق