الجمعة، 15 يناير 2010

من سره أن ينظر إلى أسوأ خدمات الصحية فـ لينظرالى مستشفى السلطان قابوس بصلاله

من وحى معمعة القرون الوسطى التي يتخبط فيها مستشفى السلطان قابوس بصلاله تحت إدارة فاشلة للمدير العام والمدير التنيفذي استوحيت العنوان أعلاه ، الغريب والمناقض لفطرة الإنسان السوي لأننا في بلد متسلح بخصوصية لا مثيل لها تجيز إخراج عنوانا كهذا (من سره أن ينظر إلى أسوأ خدمات الصحية فـ لينظر إلى مستشفى السلطان قابوس بصلاله) لا أتصور طبعا أن القوافل ستتحرك من مسندم أو من الباطنة أو الشرقية لتلقى نظرة على أسوأ الخدمات الصحية في عمان حتى لو كان ذلك من باب السياحة الاكتآبيه أو فضول المعرفة ، لسبب بسيط جدا أن هناك اكتفاء ذاتي من الأمثلة السيئة عند الجميع بفضل سياسة وزارة الصحة التي يشعر بقرفها حتى الأجنة في بطون أمهاتهم وخاصة أولئك الذين يخرجون بعاهات تلازمهم بقية العمر ، كذكرى خالدة تشهد على حقبة زمنية انحدرت فيها الخدمات الصحية من سيء إلى أسوأ في ظل القيادة الرشيدة لمعالي الوزير المبجل .

بعد هذه المقدمة المقرفة يسرني ! أو لا يسرني ! الأمر سيان ! أن أضع بين أيدكم ملحمة أخرى تضاف إلى ملاحم سابقة يسجل التاريخ عبقها في أروقة مستشفى السلطان قبوس بصلاله ، كشاهدة على أسوأ خدمات صحية في عمان من وجهة نظري دون أن أصادر بذلك حق الآخرين بان يعتبروا الخدمات الصحية في مناطقهم اشد سواء ، آملا أن نتشبث جميعا بالقول المشهور الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، خاصة حينما يكون الخلاف على سو خدمات وزارة الصحة ،

بداية الملحمة
صباح الأحد الماضي توجهنا إلى المجمع الصحي بصلاله معاودين للمرة الثالثة بطفلتنا التي بالكاد تجاوزت سنتها الأولى بشهرين وهى تعاني من نفس الأعراض المرضية التي لازمتها منذ عشرة أيام ولم تجدي عقاقير جلفار والمصانع الوطنية التي تستجلبها وزارة الصحة لأطفالنا أو بالأصح لأطفال العامة مثلنا نفعا ، فهي عقاقير رخيصة الثمن ومفعولها ضعيف ولا يمكن مقارنتها بالعقاقير الأوربية التي تصرف لعلية القوم .
ما علينا حطوا في الخرج على قول الفنان السوري حسن الدكاك ،

وقفنا في طابور الانتظار للدخول على الطبيب منذ الصباح إلى آذن العصر ،ومغارة على بابا تفتح كل نصف ساعة لتدخل مريضا أعياه المرض ، وزاده الانتظار إعياءا ، كانت زوجتي ترمقني بين الفينة والأخرى بنظرات تعبر عن مرارة الانتظار بينما كنت انظر بعين العاجز الذي لا حول له ولا قوة ، فيما كانت الطفلة تمارس حقها في التعبير عن حقها الضائع في الوطن المسلوب بالتقيؤ والبكاء والأنين والإسهال الذي لم ينقطع طوال عشرة أيام متواصلة

وأخيرا بعد أن تجاوزت الساعة الرابعة مساء دخلنا على الطبيب ، كانت قراراته حاسمة !! المزيد من الادول والمضاد الحيوي الجلفاري !! عدنا إلى المنزل بكيس آخر من الدواء ، حاولنا أن نمنح الأدول فرصة أخرى لتخفيف الحمى وإيقاف القي طوال تلك الليلة وطوال اليوم التالي ، إلا أن الأمور ازدادت سوءا، و أخيرا أضربت الطفلة عن الطعام والشراب وواصلت التقيؤ والإسهال حتى خارت قواها ولم تعد قادرة حتى على البكاء .

عادونا الكرة إلى المركز الصحي للمرة الخامسة أو ربما للمرة السادسة ، لم اعد اذكر ، و في الخامسة مساءا وقفنا كالعادة في طابور الانتظار من جديد ، وفي الثامنة مساء تم إدخالنا على الطبيب لم يكن ذلك وفقا لنظام الطابور وإنما كان اضطرارا من الممرضة إذ أن المنتظرين والممرضات فقدوا القدرة على احتمال المشهد المريع للطفلة ، فتجاوز الجميع عن دورهم وسمحوا لنا بالمرور حينها فقط قرر الطبيب تنويم الطفلة .

دخلنا إلى قسم التنويم حوالي الساعة التاسعة وهناك استراحة أخرى لانتظار طبيب آخر ، و في الحادية عشر ليلا اقبل مخلوق يمشى على رجلين يلبس الرداء الأبيض لا أدرى أإنسان هو ؟! أم شبح ، أم جهاز آلي ، ولم أكن لأصدق انه الطبيب لولا أن الممرضة أشارت لي بان الطبيب قادم ، إنسان شاحب الوجه غائر العينين ينطق بصعوبة يحرك أطرافه بتثاقل والقلم يكاد يسقط من يده حينما وصل ألقى بجسده المنهك على الكرسي متسائلا ؟ من المريض ؟! مع انه لم يكن ا أمامه إلا أنا والطفلة وأمها ، ولا يعقل أن أكون أنا المريض أو أن تكون أم الطفلة !! بديهة لم يعد الطبيب قادرا على استيعابها

علمت فيما بعد أن ذلك الطبيب يناوب وحيدا في قسم الأطفال بجناحيه منذ أن مالت الشمس عن كبد السماء ، وانه المسئول عن كل المنومين والقادمين الجدد ، وان الجناح الواحد فيه أكثر من 39 طفلا تشرف عليهم ممرضتين فقط !!،

استغرق الطبيب أكثر من نصف ساعة لملء أوراق التنويم وفي تلك الدقائق المعدودات خرجت من الجناح أكثر من عشرة استغاثات ، لأمهات حائرات يستنجدن بطبيب واحد وممرضتين ، كادت إحداهن أن تفقد عقلها ، فصرخت صرخة مدوية استرعت انتباه جميع سكان القسم وبكلتا يديها أشارت الصبر الصبر الصبر ، بينما كانت هي الأكثر حاجة إلى جرعات من صبر أيوب ،

أنهى الطبيب الفحوصات وكتب الدواء وأدخلنا إلى غرفة يفوح منها عبير الموت والكآبة، أرضيتها مبلطة بعشرات الألوان ، والصراصير تقطعها جيئة وذهابا في سباقات مراثونية وجدرانها تتشقق كأن زلزلا دكها قبل حين

عدت إلى الطبيب لأسأله عن شيء ما فإذا به محاطا بثلة من الأمهات يحملن أطفالا يعزفون سنفونية بكاء وقيئ تصم الأذان والطبيب تائها بينهن وبين ممرضة تؤكد له أن القسم لم يعد قادرا على استيعاب المزيد ، فيما الجناح الآخر المخصص للمصابين بـ H1N1 قد تجاوز هو الآخر طاقته وأغلق أبوابه ، وقد اختلط الحابل بالنابل

تخليت عن السؤال وأدركت اننى قد استنفدت حظي وألا مجال للسؤال في خضم معمه البكاء والصراخ وبيئة القيء والإسهال التي تجتاح المستشفى ، وقررت الخروج فورا وترك الطفلة وأمها تكابدان قدرا محتوما من الإهمال واللامبالاة في أورقة مستشفى متهالك ، يحتضر تحت أسوأ إدارة في تاريخه ، فيما يصر وزير الصحة على منحه أعلى شاهدات الكفاءة والتقدير من على بعد ألف كيلومتر/ وقد أوكل أمره إلى إدارة ربما تم اختيارها توافقا مع المرحلة المزرية التي يعيشها مستشفى متهالك لا يزال يحمل اسم السلطان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق