الخميس، 2 سبتمبر 2010

الفساد في عمان وظاهرة النكتة

النكتة وسيلة الشعوب المقهورة والمحرومة من حرية التعبير والتي تخشى من عواقب النقد الصريح ، فهي وسيلة مأمونة للتنفيس عن الكبت خاصة حينما يجد الإنسان نفسه بين مطرقة الخوف وسندان القهر ، حينها تكون النكتة ملاذه لنقد الأوضاع المزرية دون أن يضع نفسه مباشرة في وجه غضب السلطة التي تمتلك كل أدوات القمع ، بينما يفتقر هو لأبسط الوسائل السلمية للدفاع عن نفسه . وعادة النكتة السياسة تقيد ضد مجهول .

الشعوب تختلف في فهم النكتة واستعمالها باختلاف ثقافتها
فـ اليهودي إذا أخبرته بنكته لا يضحك ويدعي أنها قديمه وانك رويتها بطريقة خاطئة
الانجليزي يبتسم حتى لو لم يفهم وذلك من باب التهذيب والمجاملة.
بينما الأمريكي يضحك مباشرة لأنه يفهم النكتة على الطاير

لم أجد احد يتكلم عن فهم العماني للنكتة وتعامله معها خاصة أن استخدام العمانيين للنكتة كوسيلة نقد ليست وسيلة شائعة ربما بسبب انشغالهم بنعيم النهضة الجبارة ، ولكن يبدو أن الظروف قد تغيرت وان النكتة مرشحة لتكون وسيلة مناسبة لنقد الأوضاع الداخلية وخاصة الفساد الذي فاحت رائحته النتنة.

اسمعوا هذه النكتة.

تم طرح مناقصة لصيانة سور البيت الأبيض ، فتقدم مقاول أمريكي و مكسيكي وعماني للمناقصة
الأمريكي أخد مقاسات السور و تقدم بسعر 900 دولار ، سأله مسئول البيت الأبيض: ليش 900 دولار؟
قال:400 دولار مواد + 400 دولار عمالة و 100 دولار فائدتي

المقاول المكسيكي أخد مقاسات السور و تقدم ب 700 دولار للمناقصة، لما سأله قال: 300 دولار مواد + 300 دولار عمالة و 100 دولار فائدتي

أما العماني بدون ما يأخذ أي مقاسات راح لمسئول البيت الأبيض وهمس في أذنه: أنا سعري 2700 دولار، مسئول البيت الأبيض صرخ فيه: أنت مجنون ليش 2700 دولار؟!!!! رد عليه العماني بكل برود وبهمس شديد:
طول بالك ..1000 دولار لك...... و1000 دولار لي ....... و نخلي المكسيكي يسوي الشغل.
وفاز العماني بالمناقصة.

حينما قرأت هذه النكته في البداية ابتسمت من باب المجاملة ، وفي اليوم التالي فهمت المقصد منها ، وفي اليوم الثالث ضحكت مجددا من أعماق قلبي وتذكرت المركز الصحي الذي يتم تشيده على بعد مرمى حجر من منزلنا ، فبعد أن كاد البنيان يبلغ تمامه أذاع تلفزيون عمان الملون توقيع علي موسى على مناقصته ،

وذكرتني هذه النكتة أيضا بعقود المناقصات التي تبشرنا بها الصحف ألعمانيه وأرقامها الفلكية إلى درجة أن احد الكساب المعروف بنفاقه للحكومة انتقد ذات مرة مشروع بناء سد تكلف عشرات الملاين ، فردت الوزارة المعنية وادعت أن تلك الملاين ليست تكاليف مشروع السد فقط وإنما تكلفة مشاريع أخرى لم يتم ذكرها !!! قلت في نفسي حتى لا يسمعني احد فيظن انى أتدخل في السياسة ، يا ترى ليش المشاريع الملحقة بالسد لم يتم ذكرها في الخبر !!!

وبما أن الشيء بالشيء يذكر كما يقول زكي جمعه
فقد تذكرت أيضا (ولا تؤاخذوني على كثرت الذكريات الجميلة ) فقد تذكرت الدوار الواقع مباشرة خلف مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار فهذا الدوار يستحق بجدارة أن يقوم تلفزيون عمان الملون بعمل مسلسل عنه أسوة بمسلسل الغريقة ، فقصة ترميم هذا الدوار لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد، طبعا إخوانه الدوارات الأخرى تنال نصيبها من الهدم والبناء إلا أن هذا الدوار له سحر خاص
ولا أبالغ إن قلت إن هذا الدوار قد تم هدمه وإعادة بناءه عشرات المرات وخاصة حينما ياتى رئيس بلدية جديد أول ما يفتح شهيته هذا الدوار !! ادفع نص عمري واعرف سر هذا الدوار.!!!!!

ولعل الإلهام ينزل على فجأة وألطشكم بنكته عن الدوارات والطرق وأسرار بلدية ظفار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق