الثلاثاء، 16 يونيو 2009

هل المريض رخيصا ..!!

مقال جميل يضفي المزيد من الوضوح على الصورة القاتمة والمزريه
للمستشفيات التى يديرها علي بن موسي

كتب - طالب بن علي العامري :

من المتعارف عليه أن لكل هدف منشود أو غاية يراد الوصول إليهما لا بد من وجود عنصر أو عناصر تساعد لتحقيقهما.. فإن وجود المفتاح الذي يوصل إليهما ضروري.. والمفتاح هو وسيلة الدخول والعبور .. وتختلف مفاتيح الوصول باختلاف الشيء المبتغى الوصول إليه .. فالمفتاح إلى الحصول على شهادة عليا مثلا هو المذاكرة والمثابرة . . وفي ظل وجود مؤسسات راعية لهذه العملية بين الطالب وبين رغبته المستقبلية .. فلا يستطع المرء أن ينأى بنفسه بمعزل عن المؤسسات التي وجدت لترعى مصالحه ، فبرعايتها لمصالحه فإنها تقدم وظيفتها الوطنية التي أنيطت لها .. ومثلما وجدت المدارس كراعية أولى لطالبي العالم ، وجدت المستشفيات كالراعية الأساسية لطالبي الصحة والعلاج .. لكن الوضع يختلف كثيرا بالنسبة للمستشفيات عن غيرها من المؤسسات الخدمية بالبلد ، فكلما استقام عودها استقام عود من قصدها لخدمته ، والعكس صحيح فكلما انحرفت عن مسارها الصحيح فإن النتيجة الحتمية أصابة ذلك القاصد إليها بشيء من الانحراف العلاجي! الصحة نعمة لا يشعر بها إلا أولئك الذين حرموا منها أو أولئك الذين يرعون مريضا أعتلت صحته وكذلك الذين يرتادون دوما مؤسسات الرعاية الصحية من مستشفيات ومجمعات ومراكز صحية وعيادات طبية .. وبالصحة يسعد الإنسان ويشقى .. فلا تتحقق السعادة بلا صحة .. في حين أن احتمالية فقدان السعادة في ظل صحة عالية أمر وارد ( معادلة لا أود التطرق إلى جزئياتها ) .
ذن فالمؤسسات الصحية حين تقدم رعايتها الصحية على أجمل وجه فإنها في الوقت نفسه تقدم سعادة مجانية لقاصديها المرضى ، أما إذا تنصلت وقلصت من مستوى رعايتها فإنها ستقلب الموازين وستقدم نقمة غير مجانية وإنما نتيجة حتمية لإهمال وقصور وسيظل المريض يتجرع مرارة الألم الذي أحل به .

أقحم بقلمي عبر هذا المقال صوب موضوع شائك .. الابتعاد عن التحدث عنه سكوت عن الحق والاقتراب منه محفوف بالكثير من الحذر الشديد ..

يكثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن الأخطاء التي تحدث من قبل المستشفيات ولا أعني هنا بالأخطاء الطبية ، فقد سئمنا حديثا عن الأخطاء الطبية .. التي كثرت وتشكلت لجنة بهذا الخصوص أعضاؤها من المقربين من المخطئين .. ما يعنيني هنا هي الأخطاء الإدارية التي نراها تتفاقم يوما بعد يوم ، لعله يقال لنا بأنها أخطاء فردية نعم قد تكون لكنها تصطبغ بصبغة أخطاء إدارية رسميه كونها تصدر من أناس رسميون في جهات رسمية .

المريض هو ذلك الإنسان الذي أنشأت المستشفيات لرعايته صحيا متى ما ألم به مرض أو عارض صحي .. هذا الحق كفله له القانون ، فله الحق أن يذهب طلبا لتداوي والعلاج في المستشفيات الحكومية متى ما شاء ودعت ظروفه لذلك .. فإن وجد المريض بأن هذه المستشفيات كمؤسسات صحية تؤدي ممارسات غير صحية وهي مؤسسات صحية فإن ( الطامة الكبرى ) قد حلت .

سمعنا خلال الأيام التي خلت بحادثة الطفل الذي ولد في المنطقة الشرقية وبحالة ( تشوه خلقي ) وحين أقول سمعنا فإني لم أستق كلامي مما لاكته الألسن دون التأكد من مصادري التي أكدت لي .. حقيقة ولادة الطفل بتلك الصورة الأمر الذي يتطلب نقله من المستشفى الذي ولد فيه إلى مستشفى به " وحدة لعلاج التشوهات الخلقية وتقويمها " تأتي الصدمة بأنه لا يوجد سرير بالمستشفى المبتغى نقله إليه .. ونقلها صراحة هل يعقل أن مستشفى كضخامة " المستشفى السلطاني " لا يوجد به سرير غير مستغل .. فما مصير الطفل الذي ترك أشهرا يعاني الألم بالمستشفى غير المتخصص لعلاجه ؟! .. الأقدار شاءت أن تكون المنية أقرب له من السرير المنتظر !

وكما يقال الشيء بالشيء يذكر وأن بعدنا عن موضوع الأسرة لكن يظل ايضا أحد الهموم غير الصحية في المؤسسات الصحية .. قصة ذاك الأب الذي ظل يركض ما بين المستشفيات والجهة المشرفة عليها فطفله عجزت الفحوصات عن تشخيص مرضه وكتب الطبيب المعالج لحالته بضرورة تسفيره للفحوصات ـ وصلت حالة الأب كمن يشحت لإتمام الإجراءات ـ رد عليه في النهاية بأن الوزارة غير معنية بتسفير المرضى للفحوصات والتشخيص وإنما سفراتها وأقصد السفر عن طريقه للحالات العلاجية . . ولا ننسى تلك المريضة التي تقطعت السبل بأهلها وتوقف علاجها في الخارج لتجاوز الكلفة المتوقعة للعلاج .. حيث رفعت الوزارة يديها عن الموضوع كون السفر لم يكن عن طريقها في حين ان المريضة ظلت في السابق تعالج داخليا في مستشفياتها دون تحسب لخلاف ما وجدته بالخارج !!

ونحن على مشارف أربعينية النهضة المباركة التي طالما سنظل نتفاخر بما تحقق لنا في هذه الأرض الطيبة من منجزات تنموية بما فيها الصحية .. ولاكتمال منظومة دولة المؤسسات والقانون يتوجب علينا أن نغير في أفكارنا ورؤانا لما يجري حولنا ونكون أكثر إيجابية كون الظروف من حولنا من ثورة معلوماتية متدفقة عبر السموات المفتوحة التي ألغت كل حواجز التي كانت تصد الكثير من أطروحاتنا .. فالمرحلة تدعونا إلى رؤية ما تحقق بصورة مغايرة عما قبل فهل هذه المؤسسات تقوم بدورها على أكمل وجه أم أن هناك قصورا وأخطاء يجب التنبيه إليها وتصرفات يجب تقويمها وتجاوزات لا ينبغي السكوت عنها لأنها تمسنا كمواطنين .. حيث إنها تنال في المقام الأول من صورة عمان التي نريدها أن تكون دوما ناصعة البياض لا تشوبها شائبة .. دولة ظلت وستظل حنونة ذات عطف لا متناه تجاه أبنائها والمقيمين على ترابها .. لا ندعي الكمال أو إننا نعيش في المدينة الفاضلة لكننا نبحث إلى الكمال الإنساني الوظيفي أو أشباهه في الخطط واستراتيجياتها . . هذا يقودنا إلى تساؤلات مشروعة تبحث عن إجابات ما حقيقة الأسرة المنعدمة المفقودة ونحن في دولة الخير الوفير ؟! ألا توجد نظرة إنسانية مستقبلية لإنهاء حلقات هذا المسلسل المحزن المتكرر" لا توجد أسرة " ؟!

وأليس المرضى أناس ينطبق عليهم ما جاء في بنود أحد المواد الثلاثين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان : وجوب منح الأسرة أكبر قدر من الرعاية الصحية والعقلية .. فأين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مما يصير ؟!!

وإن انعدمت النزعة الإنسانية لدى بعض المسؤولين من حقنا أيضا أن نسألهم أين نزعتكم الوطنية رغم أن الوطنية والإنسانية وجهان لعملة واحدة .. حينها لا تتهموا من لم يجدوا مفرا من الظهور في قنوات خارجية أو منتديات إلكترونية سمعت معاناتهم ونقلتها لا تتهموهم بالمتاجرة بفلذات أكبادهم وعلى حسب الوطن .. فمن يده في النار غير الذي يداه ورجلاه في الماء البارد ..

** رشة جريئة :

في اللقاء الأخير المشترك الذي جمع بين مجلس الوزراء ومجلسي الدولة والشورى أكد صاحب السمو السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء أن توجيهات عاهل البلاد المفدى للحكومة تركز بالدرجة الأولى على خدمة الوطن وإسعاده ليظل كل عماني فخورا بما يتحقق على أرضه من تقدم ونماء ومشاركا في مسيرة البناء والتعمير .. أتمنى ان يعتنق هذه التوجيهات مسؤولونا الكرام لا سيما الصحيين منهم أقصد المعنيين بصحتنا .

talibco@hotmail.com

إعلامي عماني

موقع الشبيبه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق