الأربعاء، 27 مايو 2009

تساؤلات عن ثروات الوزراء والمسوؤلين العمانيين .....من اين لك هذا


المادة (105) من قانون الخدمة المدنية
: على الموظف ــ بناء على طلب من الجهة المخولة قانونا ــ أن يقدم إقرارا يتضمن بيانات بجميع الأموال المنقولة والعقارية التي يمتلكها أو التي تكون في حيازته سواء باسمه أو باسم أي فرد من أفراد أسرته والتي تشمل الزوجة والأولاد القصر ، وأن يكشف عن الطرق التي تملك أو حاز بها الأموال المشار إليها أو مصـــادر ملكيتــه أو حيازته.ـ

لا يمكن لأحد في الوطن أن يدعي أن سلطنة عمان تمثل النموذج الكامل للمدينة الفاضلة أو يقنع احد بان الإنسان العماني منزه عن الخطأ والجهل والنسيان أو أن المسئولين العمانيين نسخة من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، فالحقائق والمسلمات والبديهيات لا يمكن تصوريها على غير حقيقتها

فإذا كان الأمر كذلك وهو بالفعل كذلك فانه لمن الضرورة بمكان الاعتراف بمقتضى والعقل والمنطق والطبيعة بضرورة أن تقوم الدولة بوضع الضوابط والقوانين وتفعيلها بما يمكنها من الحفاظ على ثروات الوطن وتوزيعها بشكل عادل يضمن المساواة بين العمانيين وتعطي كل ذي حق حقه وعلى قدر الجهد يكون النصيب دون إفراط أو تفريط وبذلك تقطع الطريق على كل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات البلاد وتسخيرها لنفسه وذويه تحت ذرائع شتى وبعيدا عن عين الرقيب والمساءلة والمتابعة سواء من خلال استغلال المنصب والنفوذ أو من خلال اصطياد ضعاف النفوس أو من خلال خلق الشلّيله التي تتآلف وتتحد في بوتقة الفساد والإفساد لخدمة أهدافها الخاصة والإثراء الغير مشروع من خلال الطرق الملتوية وإهدار المال العام في غير ذي شأن واستغلال ثغرات القانون وغفلة القائمين عليه وسكون العدالة وغياب الضمير

وفي العالم من حولنا نسمع من خلال الإعلام الحر المقروء منه والمشاهد عن ملاحقات وتحقيقات ومساءلات لكبار المسئولين في العالم منهم رؤساء دول ووزراء ومن في مكانتهم سقطوا في براثين السرقة والنهب وتورطوا مع أطراف عدة حاولت أن تثرى بغير وجه حق فكانت العدالة لهم بالمرصاد
فقوانين الدول التي تحترم نفسها وتحفظ حق شعوبها ومواطنيها لا تضيع أو تتوه في أتون البيروقراطية ولا تختفي بين النصوص ولا تضمحل في الأدراج و خلف الكراسي والكروش

حتى الكيان الصهيوني أطاح مرات عدة بكبار المسئولين بسبب الفساد .. وتصبب عرق وزراء ورؤساء حكومات بين يدي المحققين حينما حامت حولهم شبهات رشوة أو استغلال السلطة لتحقيق منافع خاصة ولعل آخرهم رئيس وزراء إسرائيل اولمرت قاتل الأطفال الذي يرزح هذه الأيام تحت وطأة التحقيق السري بسبب شقة اشتراها بأقل من سعرها في السوق وتهم فساد أخرى

وتحتاط بعض الدول فتحرم على كبار المسئولين قبول الهدايا أثناء شغلهم مناصب رفيعة في الدولة خاصة من مسئولي ا لدول الاجنبيه حفاظا على امن الوطن وحريته وسيادته واحتراسا من التفريط بحقوقه ومقدراته، وإذا ما حصل اى مسئول على هدية يقوم فورا بالإعلان عنها وضمها الى خزينة ألدوله

ومع كل ذلك الاحتياط والقوانين وصرامة تطبيقها إلا أن محاولات خرق القوانين و الإفلات من العقاب لا تتوقف أبدا فالصراع بين الخير والشر والإصلاح والإفساد من سنن الكون التي لا تنقضي إلا بانقضائه وانتهاء البشرية وانقراضها ، فطمع الإنسان وطلب المزيد صفة ملازمة له ويبقى الفرق بن من يستسلم لرغبات نفسه الأمّارة بالسوء وبين من يكبح جماحها ويقيدها بسياج الأخلاق والأدب وخوف الله ويردعها أن حدثته بالسوء يقظة القانون وأمانة القائمين عليه وقوة النظام والعدل في المجتمع

فمن غير المنطق أن تهبط ثروة على اى مسئول هكذا فجأة وبدون مقدمات بمجرد أن أصبح مسؤلا وينتقل من خانة الفقراء وذوى الدخل المحدود أو حتى المتوسط ليصبح بين عشية وضحاها يملك الأطيان والأرصدة بالملايين ، ناهيك عن العمارات والشركات وغيرها

المواطنون يتساءلون في كل بلاد الدنيا عن ثروات المسئولين ويجدون الجواب منشور على صدر الصفحات الأولى وحينما يعجز المسئول عن تقدم مبرر منطقي لممتلكاته وممتلكات ذويه سرعان ما يجد نفسه و ثرواته على صدر الصفحات الأولى أيضا ولكنه كمتهم يرزح تحت وطأة التحقيق وسيف القانون


وفي سلطنة عمان نتساءل ويتساءل غيرنا بالطبع مثلنا كمثل بقية مواطني دول العالم عن ثروات المسئولين الذين يصنعون بقراراتهم سعدنا وشقاءنا ومصيرنا ومصير أجيالنا الحاضرة والقادمة ، ودافع هذه التساؤلات ليست وحيا من طلاسم الغيب ولا تخر صات من ضرب الودع وإنما تفرضها مظاهر الثراء والأملاك والنعيم الذي ينغمس في بحبوحته الكثير من الوزراء والوكلاء وكبار رجال الدولة من كل المناصب المختلفة ،فما يخرج بالصدفة بين الفينة والأخرى عن تلك الأملاك من عمارات وشركات ومؤسسات وبطريقة تخزي العين يجعلنا بالفعل نتساءل ؟؟ خاصة في ظل ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل وغياب فرص التعليم العالى وتدني الرواتب خاصة في القطاع الخاص وارتفاع الأسعار وقيود الديون وتدنى المستوى المعيشي لكثير من الأسر حتى تضطرار لتأمين لقمة العيش من أوحال الزبالة

مع العلم أن بلادنا والحمد لله فيها من الثروات البترولية والسمكية والغاز والأراضي الزراعية وغيرها ما يكفي الجميع ويزيد...

إن تساؤلاتنا هذه ليست بدعا أو شذوذا أو قفزا فوق الخطوط الحمر لإثارة البلبلة ، وإنما الشذوذ والبدع والتقصير يكمن في غياب الشفافية والوضوح في كشف حقيقة ثروات المسئولين ومصادرها برغم من وجود المادة (105) التي تحتم بشكل ما على موظفي الدولة الكشف عن ثرواتهم

ولعل المرة الوحيدة التي تم التطرق فيها إلى ثروات المسئولين وغياب المادة 105 من قانون الخدمة المدنية يعود إلى بداية إنشاء مجلس الشورى وفي جلسته الأولى مع وزير الاقتصاد الوطني معالي عبد النبي مكي حيث سأله سعادة الشيخ سعيد المعشني (إذا لم تخني الذاكرة) عن عدم تفعيل المادة المشار إليها فكان جواب معاليه أن الحكومة لا تطعن في ذمم الناس وبقدر غرابة الجواب اختفى الحديث نهائيا منذ ذلك الحين عن هذه المادة القانونية التي لا تزال حبرا على الورق في قوانين الخدمة المدنية وحتى كتابة هذه السطور فيما اعلم

وقد غاب عن معالي الوزير أن كشف ثروات المسولين ومصادرها قبل تولى المنصب وبعده لا يعني الطعن في ذمم احد وإنما يعني الصدق والشفافية والوضوح
وان قانون كشف ثروات المسئولين معمول به في اغلب دول العالم إن لم اقل كلها ففي إيران مثلا الجار القريب كشفت بعض الصحف الإيرانية وغيرها عن أملاك احمد نجاد والتي تساوى شقه صغيره وسيارة قديمة فقط وهو رئيس دولة وليس وزيرا .....

وفي روسيا الصديقة كشف الرئيس بوتين عن ثروته والتي لا تتجاوز شقة في موسكو وبيت صغير ريفي وسيارة وبضعة ألاف من الدولارات تحويشة العمر ، وهكذا في سائر بلاد العالم ..فلماذا المسئولين في سلطنة عمان بلدنا الحبيب لا يقدمون كشفا بثرواتهم وثروات ذويهم وتنشر في الصحف؟ لماذا لا يتم كشف أرقام الأرصدة داخل السلطنة وخارجها احتراما لحق الشعب في معرفة حقيقة ثروات المسئولين وكيفية حصولهم عليها ؟؟ على الأقل من باب ليطمئن قلبي
ربما لن نجد جوابا شافيا على هذه التساؤلات وربما لن يعيرها احد اى اهتمام ولكنها بكل تأكيد سوف تبقى في نفوس المواطنين صرح بها من صرح وكتمها من كتم وبكل تأكيد أيضا أن ذلك لن يعفي الحكومة من مسؤوليتها امام الله الوطن والتاريخ في كشف مقدار ثروات المسئولين ومصادرها كحق من حقوق مواطنيها عليها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق