السبت، 30 مايو 2009

السخط الشعبي وسقوط الوزير وجدية الحكومة في محاربة الفساد


لم نعتد في بلدنا الحبيب أن نشهد سقوط اى وزير بسبب السخط الشعبي او بسبب قضايا فساد ومحسوبية اوبسبب اعتداء على المال العام الا ان التزامن هذه المرة بين اقالة وزير القوى العاملة الذي شغل الناس حينا من الدهر بقراراته التعسفية التي طالت العمال وصغار الموظفين في القطاع الخاص وأثرت على مسيرة حياتهم وتطلعاتهم المستقبلية وحشرت جيلا من الشباب العماني وفي وظائف دونية وبرواتب ضئيلة تكاد تصل إلى درجة السخرة خدمة للهوامير و أصحاب الشركات والمجمعات التجارية الضخمة المملوكة لبنى كومار ا وال شندرا وغيرهم , وبين موجه السخط الشعبي العارم الذي انطق حتى الصحافة العمانية المعروفة بصمتها وتجاهلها لقضايا الرأي العام يجعلنا نطرح تساؤلات عدة عن حقيقة ماحدث

مع ان ذلك التزامن ياتى في ظاهره وكانه تجاوبا وتناغما مع متطلبات الرأي العام الذي فاض به الكيل وهو يتطلع إلى اليوم الذي يتساقط فيه الفسدة والمفسدين و محاسبتهم على كل ما اقترفته أيدهم في حق الشعب والوطن وثرواته ومقدراته التي اكتنزوها بغير وجه حق

الا ان الذي يشغب على هذا التفائل المشوب بالحذر ماعودتنا عليه سياسة الحكومة الرشيدة من اصرارها على خلق انطباعا لدى المواطن بان قراراتها الخاصة بالوزراء وتحريكهم بين الكراسي اوإزاحتهم عنها او الاحتفاظ بهم كخشب مسندة , لا علاقة له بتوجهات الرأي العام

فهناك على سبيل المثال ما لا يقل عن اربعة وزراء ينتظر الكثير من المواطنين اقالتهم بفارغ الصبر وقد تجاوز سخطه عليهم سخطه على وزير القوى العاملة بمراحل , الا انه لا يلوح في الافق القريب على الاقل ما قد يشير الى اقالتهم اوحتى محاسبتهم , و يأتي في مقدمتهم وزير الصحة الذي تدور وزارته في دوائر الفشل والتقهقر ,وتنحدر من سيء إلى أسوء حتى أصبحت بعض مستشفياته كمستشفى السلطان قابوس بصلاله يطلق عليه المواطنون أوصافا مبتذله كالمجزرة والمزبلة وغيرها من الاوصاف المقززة التي تعكس سخطا شعبيا وتذمرا منقطع النظير , بعد أن أطبقت سياسته الفاشلة بأنيابها على رقاب المواطنين فأسقطت ضحايا بالجملة , اطفالا وكهولا وشبابا, دون أن يساءله احد أو يحاسبه

والانكت انه كلما زاد حنق الشعب وسخطه وتطلعه إلى اليوم الذي تشرق فيه الشمس وقد أطيح بيه من على كرسي الوزارة يتفاجا بان الحكومة الرشيدة تغدق عليه المزيد من المناصب والمسؤوليات , وكأنها تفعل ذلك نكاية وتاكيدا على سياستها العتيدة بعدم خضوع قراراتها لمزاجية الراى العام وتوجهاته , ربما خوفا من أن ينطبع في أذهان العامه أن كلمتهم أصبحت مسموعة ومؤثرة في قرارات ا لحكومة فيزداد تذمرهم وتتسع مطالبهم وحينها يبدأ سقوط الوزراء وأصحاب السعادة كسقوط حبات المسبحة حين ينفرط عقدها

, خاصة أن الود شبه مفقود بين الطبقة المسحوقة التي يقتات بعضها على المزابل وبين الطبقة العليا التي تسرح وتمرح في النعيم مستأثرة بخيرات الوطن ومقدراته و اتساع الفجوة بين الطبقتين يوما بعد آخر والغريب انه كلما ازدادت إرادات النفط وارتفعت مداخل الدولة كلما اتسعت الهوة بين الطرفين حتى يجد الفقير والمسكين وذى الحاجة نفسه وقد انقطعت به السبل على عتبات مكاتب أصحاب المعالي والسعادة, , وهو يجري في طول البلاد وعرضها باحثا عما يسد به رمقه متسولا العطف والاحسان حتى تلفظ آخر آماله أنفساها على بلاط السكرتريا والمنسقين ووعودهم الكاذبة بينما أصحاب المعالي مشغولون بحيازة الأراضي والاقطاعات وتسمين الأرصدة في البنوك استعداد على ما يبدو لساعة العسرة ,

حتى إذا ما وقعت الواقعة واحتدام الصراع بين العتاولة والهوامير وسقط لا قدر الله احدهم كما سقط الوزير المذكور, يسقط واقفا لا ينحنى عوده ولا تلتوي رقبته بفضل ما اعد لنفسه من فرش مرفوعة وأكواب موضوعه ونمارق مصفوفة , تقية زلزلة السقوط وارتدادتها العنيفة التي قد تذيب الشحم واللحم الذي اكتنزه في عهد الرضا القبول , حينما كان يتمخطر في أروقة الوزارة ويسترخي على كرسيها الوثير مقلبا بصره بين القصور والدور والخدم والحشم , وبين يديه جنات وانهارا وكواعب أترابا , ترى في وجوهه نظرة النعيم , كأنه يسقى من رحيق مختوم بالمسك والزعفران

غير أن هذه المرة وعلى غير العادة يأتى تزامن سقوط معالي وزير القوى العاملة وهدم عمارته المشؤمة التي يبدو أنها القشة التي قسمت ظهر البعير مع تسونامي السخط الشعبي الذي انهال عليه من كل حدب وصوب وخاصة بعد ان انكشف الاتفاق الأسود الذي ابرمه مع الشركة التي تدير ميناء صلاله لتخفيض رواتب العمال حتى لا يثير بقية العمال المسحوقين في شركات الهوامير فيثورون ثورة الجياع التي لا تحمد عقباها اضافة الى التسريبات التي تناقلتها المنتديات عن تحقيقات أمنية أشارت إلى تورط الوزير في تزوير مستندات رسمية

هذا الحزم الذي اظهرته الحكومته مع الوزير المذكور قد يبشر بعهد جديد من الشفافية والمساءلة والمحاسبة رغم كل الارهاصات والاخفاقات التى لاتزال تكتنف سياستها في هذا الشأن
وهذا بكل تأكيد يثير تساؤلات عده؟؟

أولا : هل يا ترى إقالة الوزير ومحاسبته تأتى حقا في سياق الاستجابة والتناغم مع غضب الرأي العام كما هو ظاهر قرار الاقالة ؟؟ وهل سنشهد سقوطا آخر لوزراء اخرين امثال وزير الصحة ؟؟ وإذا كانت الحكومة بالفعل جادة في محاربة الفساد والمحسوبية وتلك الإقالة اتت في هذا السياق فلماذا لا تطلق الحكومة يد القضاء ليتولى بنفسه المساءلة والمحاسبة والأخذ على أيدي المفسدين ؟؟ ولماذا لا تمكن الصحافة من كشف الحقائق للرأي العام ؟؟ليكون المواطن شريكا في صنع ا لحدث ومتابعته باعتباره انجازا حضاريا ووطنيا ومعبرا عن مرحلة جديدة أهم مقوماتها تلاحم ا لحكومة والشعب في جبهة واحدة للقضاء على الفساد والمحسوبية ؟؟

والتساؤل الأخير يتعلق بالمادة ال105 من قانون الخدمة المدنية واسباب تعطيلها , تلك المادة التى تنص على وجوب ان يقدم كبار المسؤلين كشف حساب بممتلكاتهم وممتلكات ذويهم ومصدرها ؟؟ ليميز الخبيث من الطيب والحق من الباطل وتستقيم موازن ا لعدل والمساواة بين الناس
فهل نشهد تفعيلا لهذه المادة القانونية الهامه المغيبة في ادراج وزارة الخدمة المدنية؟؟؟
تلك التساؤلات وغيرها دون شك سوف تجيب عليها الايام القادمة وستكشف لنا حتما عن سياسة الحكومة المستقبلية وجديتها في تطبيق مبدا المساءلة والمحاسبة واذا ماكانت إقالة الوزير قد اتت في هذا السياق ام انها مجرد غضبة مفاجأة من جهات عليا على شخص وزير القوى العاملة الذي اوقعه حظه العاثر ضحية يقظة مفاجئة سرعان ما تضمحل ويذهب ريحها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق