الجمعة، 29 مايو 2009

الاعلام العماني بين الرتابة والبلادة وغياب السبق الصحفي


لا يوجد صحافة أو صحفي في العالم إلا ويبحث دوما عن فرصة يقتنص فيها سبقا صحفيا يضعه بتميز في مقدمة اهتمام الرأي العام وتحقق الصحيفة من وراءه شهرة واسعة ، وتحصد فوائد مادية ومعنوية ، فمضمار التنافس والسباق بين الصحف لا يتوقف أبدا ولا يغلق أبوابه ولا يتقيد بالمواسم والمناسبات ، فهو مضمار أبوابه دائما مشرعة وجوائزه مستمرة،

واكثر ما يميز الصحف العالمية عن مثيلاتها بعد المصداقية والدقة هو السبق الصحفي الذي يجعل من الصحفي وصحيفته محل الأنظار والترقب دوما لما هو جديد وفريد خاصة حينما تعج المنطقة بالإسرار والأحداث المتلاحقة وتفوح من مطابخها الخلطات السرية .

الصحافة العمانية دون غيرها من صحف العالم تفتقد لهذه الميزة ،ميزة السبق الصحفي حتى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الهالك إسحاق رابين لمسقط،عام 1995وفي عقر دارها ولقاءه بالسلطان قابوس كان السبق فيه من نصيب ام بى سي ،
وصحافتنا المحلية تغط في سبات عميق، بل أن بعض كوارث جونو لم تكشفه لنا إلا الجزيرة بينما تلفزيون عمان الملون والصحافة العمانية كالأطرش في الزفة، وكثير من الأخبار عن واقعنا المحلي نسمع عنها في ألصحافه العالمية والعربية حتى بعض المشاريع السياحية في السلطنة والتي تقدر بمليارات الريالات في الوسطى وصحار وصلاله وغيرها رغم أهميتها وأثرها على مستقبل الوطن ومسيرته ألاقتصاديه لا نسمع عنها ولا نعلم من يديرها إلا من خلال الصحافة العالمية ، وقد تفاجئنا بتلك المشاريع الضخمة واستيلاء بعض الهوامير من الداخل والخارج علي أراضي المواطنين بأسعار زهيدة جدا بعد أن علموا عن تلك المخططات ومناطق تواجدها وهى لا تزال حبرا على ورق ، والصحافة العمانية اللهم لا حسد في غفلة عما يدور حولها ، حتى فاض الكيل ببعض الغيورين على الوطن ومقدراته وساءهم الغياب الفاضح للصحافة العمانية وكأن الأمر لا يعنيها في شيء، فصبوا جام غضبهم على الصحافة العمانية والقائمين عليها في فلتة نادرة ونقد قلما يتكرر ، وحينما ضاقت المبررات ببعض الاعلامين من تلك المفاجآت التي تلسعهم بين الفينة والأخرى اخذ بعضهم يلقى بالوم على الجهات الرسمية وعدم الإعلان عنها من خلال الصحافة العمانية ويتساءل كيف وأين ومتى ولماذا،

وهكذا يتضح أن دور الصحافة العمانية مغيب تماما ليس عن السبق الصحفي فحسب وإنما عن أحداث هامة تتعلق بمصلحة الوطن المواطن ويحتم عليها واجبها المهني والأخلاقي كشفها وتسليط الأضواء عليها، ورغم كل ذلك الإخفاق المريع يخرج علينا رئيس جمعية الصحفيين العمانية على الجابري بشاهدة على هامش ختام اجتماعات الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب الذي اختتم يوم 7/4/2008م على ارض السلطنة مؤكدا أن جمعية الصحفيين العمانيين تقوم بدورها على أكمل وجه دون أن يبين لنا نوع هذا الدور؟؟ وأين هذا الوجه وكماله ؟؟ وعلى نفس الهامش يؤكد لنا رئيس مجلس جريدة الشبيبة عيسى الزدجالى صاحب وجهة نظر بشهادة سيسأله الله عنها يوم القيامة انه لم يضار أو يسجن صاحب رأى أو قلم أو فكر في عمان بسبب رأيه!! وكأنه لا يعلم الضرر الذي أصاب عبدالله الريامي ومحمد ألحارثي ومنع وزير الإعلام ا لعماني ظهورهما في اى وسيلة إعلامية عمانية أو فعاليات أدبية وسجن الأستاذة طيبة المعولى والنكبة التي حلت بالسبلة العمانية وصاحبها وبعض كتابها ، إلا إذا كان الزدجالى يعتقد أن هولاء جميعا ضاروا بسب تقشير الموز وبيع السمسم

وبالعود إلى تراتيل الصحافة العمانية وبدافع الغيرة الوطنية نتساءل ماهو دور الصحافة العمانية إذا؟ إذا كانت مغيبة عن قضاياها الوطنية وتمرر الأحداث من بين يديها ومن خلفها وهى عنها من المعرضين ، أين هي من أبجديات السلطة الرابعة ؟و لماذا لا نرى صحفيا عمانيا يخترق بعض الأستار والغرف المغلقة ويخرج علينا بسبق صحفي يكشف كل من يعيث في الوطن فسادا ؟؟لماذا لا ينبعث من بين ركام الصحافة العمانية صحفي عماني يمتلك القدرة على الولوج إلى مطابخ الخلطات السرية وتصل أياديه إلى ما تحت الطاولة وتقرأ عيونه مابين السطور ؟ لماذا الصحافة العمانية دون سائر صحف العالم تتسم بالبلادة والبرودة والرتابة ولا تحقق ولو مرة سبقا صحفيا على مستوى المنطقة أو حتى على المستوى الوطن أسوة ببقية صحف العالم

أعجب كثيرا من البلادة والكسل الذي يضرب بإطنابه على الصحفيين العمانيين القابعين خلف المكاتب المكيفة وعلى الكراسي الوثيرة منتظرين ليلة القدر حتى تهبط عليهم أخبارا يمكن أن تصنف في خانة السبق الصحفي دونما عناء أو نصب ،

ربما يتحجج البعض بان دون ذلك خرط القتاد فالمسئولين والقوانين لا تتيح لهم مثل تلك الفرصة وقد يكون هذا صحيح إلى حد ما ، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فاذكر إنني طلبت ذات يوم من رئيس تحرير صحيفة عمانية نشر تظلم إلى السلطان قابوس مع العلم إن بين تظلمي والسياسة بعد المشرقين فما كان منه الا أن رفض واخرج من أدراج مكتبه كُتيّب قانون النشر والمطبوعات وقال أترى هذا؟ انه سيف مسلط على رقبتي ، وحينما اتصلت برئيس تحرير صحيفة عمانية أخرى لم يكتفي برفض نشر التظلم وإنما تبرع من تلقاء نفسه بتوجيه تهديد وتحذير شديدى اللهجة ووعيد بالويل والثبور وعظائم الأمور أن حدثتني نفسي الأمّارة بالسوء بنشره خارج السلطنة

ربما كانت تلك هي سياسة القائمين على الإعلام العماني وذلك احد الأسباب الذي أبقاه خارج دائرة المنافسة الإعلامية مع صحف عربيه ودوليه وقناعته بالبقاء عالة على الدعم الحكومي والذي لولاه لما استطاعت الصحف العمانية البقاء والاستمرار وطباعة ربع أعدادها أليوميه ، لكن ورغم كل تلك الصعوبات وكل تلك العراقيل وسرور بعض أعضاء الحكومة واستفادتهم من بقاء الصحافة على ما هي عليه والتي بكل تأكيد رفعت الحرج عن إخفاقاتهم في الداخل والخارج وحفظت رؤؤسهم من الصداع والصدمات وأتاحت الفرصة الذهبية للناهبين أن ينهبوا الوطن وثرواته في صمت

إلا أنني كقارئ عماني وغيور على وطني تنتابني هواجس ومخاوف على الوطن ومستقبله ومستقبل أجياله لا استطيع بموجبها أن أتفهم الغياب الكامل والعزوف الغريب للصحفيين العمانيين عن تحقيق ولو النزر البسيط من صحافة حرة مشرفة تضع أصبعها وليس قدمها على طريق الألف ميل وتفرحنا ولو بسبق صحفي يميط اللثام عن أسرار المشاريع العملاقة التي نسمع من إعلام الآخرين جعجعتها ولا نرى طحينها ولا ندرى عن حقيقتها إلا النزر البسيط
سبق صحفي يحفز همم الآخرين على النهوض والمنافسة والإبداع سبق يقف وراءه صحفي نشط يمتلك القدرة والموهبة والمصداقية والجرأة لكسر قفل الصمت والجمود والرهبة التي تكبل الصحافة وأقلامها وفكرها ويضع اللبنة الأولى لصحافة حرة سباقة إلى كشف الحقائق وفضح اللصوص صحافة تأخذ مكانها بين المؤسسات الرائدة وتحتل موقعها المشرف كسلطة رابعة يحسب لها ألف حساب ، صحافة تحظى بثقة المواطن واهتمامه وتكون سمعه وبصره وتحميه من مباغتة اللصوص وسراق الثروات وتجار الأوطان

آه آه آه يا وطني
إلى متى سيبقى هذا الحلم بعيد المنال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق