الأربعاء، 27 مايو 2009

الإخوان المسلمون في عُمان واحتمالات المستقبل


تتميز جماعة الإخوان المسلمين عن سائر الجماعات الملتحفة بعباءة الدين بقوة تنظيمها وترابط أفرادها وتماسك قواعدها وقدرتها على التأقلم مع الظروف المحيطة بها ولعل السبب في ذلك يعود إلى الهيكل البنيوي الذي تنقسم فيه خلايا الجماعة إضافة إلى المرونة السياسية التي تمكنها من التعايش مع اى جماعة أو حزب أو تنظيم أو نظام و تقاسم المصالح وتبادل المنافع عملا بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة

مما مكنها من التوغل في الحياة الاجتماعية والتسلل إلى داخل المجتمع والتفافها على مراكز القوى ومؤسساته المختلفة ومحاولة السيطرة عليها من الداخل ، تلك المرونة التي قد تتناقض أحيانا مع الشعارات الدينية التي ترفعها ألجماعه وتعمل تحت ظلها وتستحلب بها الأتباع والأنصار خاصة من أبناء الطبقات المسحوقة التي ترى في الأخوان المسلمين ملاذا للهرب من جحيم الفقر والفاقة والبديل المنقذ من براثين انظمة استبدادية تتقاسم ثروات الأوطان وأرزاق العباد مع العملاء والمرتزقة و المقربين والأتباع وأصحاب اليمين ولا ينالها من خيرات أوطانها إلا فتات يرمى لها لذر الرماد في العيون
تلك البيئة الفاسدة التي نشأة فيها جماعة الإخوان المسلمين و التي لا تزال تئن تحت وطأتها الشعوب العربية والاسلاميه قد أوجدت دون شك مناخا ملائما لنشوء ألجماعه وتطورها وامتدادها في كل أرجاء الوطن العربي والإسلامي بل و في العالم الغربي كذلك ، ففي الدول الغربيةاستطاعت جماعة الإخوان المسلمين وخاصة شيوخها الهاربين من جحيم وزنازين الأنظمة العربية أن يؤسسوا لأنفسهم موطأ قدم فيها تحت دعاوى وذرائع شتى كخوفهم من التعذيب وتسلط أنظمة دكتاتورية وغياب الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة ونحو ذلك ، ومن ثم الاعتضاد بالغرب في سعيهم الحثيث للوثوب إلى السلطة ،خاصة حينما تتقاطع المصالح الغربية مع المصالح الاخوانية ، دون طبعا أن يكون للدين أو للعادات أو الأعراف اى اثر سلبي على ألجماعه وتعاملها مع الغرب

ومع أن ألجماعه تعرضت لضربات موجعة في عديد من الدول العربية خاصة الثورية منها إلا إنها ظلت متماسكة ولم تضمحل أو تذوب أو تضعف داخل السجون والمعتقلات كما هو حال جماعات أخرى

ففي مصر تعرض اغلب إتباع الجماعة وقادتها للاعتقال والتنكيل منذ عهد الملك فاروق والى يومنا هذا ، وفي تونس والأردن وليبيا تعرضوا للمضايقة والتعذيب والملاحقة ، أما سوريا فقد وصل النظام في حدة تعامله منع ألجماعه إلى درجة الحكم بالسجن المؤبد على من يثبت انتماءه لجماعة الإخوان والغريب أن مرشد الإخوان في سوريا علي صدر الدين البيانوني والمقيم في لندن يتحالف هذه الأيام مع عبد الحليم خدام عدو الأمس ، الرجل الثاني في عهد الرئيس حافظ الأسد الذي تلقت الجماعة في عهده أقسى الضربات الأمنية ولا يستنكف البيانوني ان يضع يده بيده ويعقدان حلفا مقدسا لإسقاط نظام بشار الأسد

وهذا بكل تأكيد يدلل كم أسلفنا على مرونة الجماعة وقدرتها على تغير مواقفها وفق المستجدات ،مثلها كمثل اى حزب سياسي يسعى بكل الطرق للوصول الى السلطة

منطقة الخليج بحكم تركيبتها السكانية وأنظمتها الملكية والأميرية والقبلية كانت ربما أفضل تربة ومتنفسا لجماعة الإخوان المسلمين في الوطن العربي بل وملجأ لبعض القيادات الاخوانية الفآرة من مصر وسوريا وبعض دول المغربي العربي ، هكذا كان الحال على الاقل إلى ما قبل الـ11من سبتمبر حيث انقلبت الموازين بعد ذلك رأسا على عقب وأصبحت كل التيارات الدينية عباءا وخطرا على كل الأنظمة ا لعربية دون استثناء

سلطنة عمان هي الدول الخليجية الوحيدة التي استشعرت خطر الإخوان وسرعة تنامي حركتهم التنظيمية وتوسع قاعدتهم الشعبية وذلك أدى إلى مسارعتها بتوجيه ضربة استباقبه للجماعة في بداية التسعينات قبل آن يستفحل أمرها أكثر مما هي عليه ، وسواء أكان حجم الجماعة كما وكيفا مفاجأ للأجهزة الأمنية أو لم يكن إلا انه وبكل تأكيد كان مفاجأ لعامة الناس وأفراد المجتمع خاصة بعد أن اتضح أن الكثير من المعتقلين من ذوى المناصب العالية ومن علية القوم ورغم ذلك ظلوا بعيدا عن الأنظار وبعيدا عن الحركة الظاهرة للجماعة ودورها الدعوى في المجتمع الى ساعة اعتقالهم
ورغم الأحكام القاسية التي نزلت بساحة الجماعة وخاصة كبارها إلا أن السلطان قابوس آثر العفو عنهم و إعادة انخراطهم في المجتمع من جديد عملا بمبدأ العفو عند ألمقدره

ظن الكثيرون أن تلك الضربة الاستباقية والتي أشاع البعض حينها أنها تمت بالتنسيق مع أجهزة أمنية عربيه تتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع هذه الجماعة سوف تقضي عليها وتفكك تركيبتها التنظيمية خاصة بعد أن أصبحت مكشوفة للجميع
فهل ياترى تلك هى الحقيقة ؟؟ ربما لا
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق