الجمعة، 29 مايو 2009

شاب عُماني يلجأ للصحافة اليمنية لإقناع السلطان قابوس بإلغاء قرار حكومته



قال إنها سلبت قبيلته وأخرى لقبهما ومنحتهما عنوة لقب قبيلة نافذة:
شاب عُماني يلجأ للصحافة اليمنية لإقناع السلطان قابوس بإلغاء قرار حكومته
السبت 19 إبريل-نيسان 2008 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - النداء - رشاد الشرعبي

لم يكتفِ الشاب العُماني "سالم" بالمشاركة في دورة إقليمية لحقوق الإنسان، احتضنتها صنعاء الأسبوع الماضي؛ فهناك همٌّ يؤرقه وأفراد أسرته "آل تويه" وأسرة أخرى "آل خليفين" العُمانيتين جراء قرارات رسمية بإلغاء لقب الأسرتين وإلحاقهما بأسرة ثالثة بصورة تعد تمييزا عنصريا حسب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
كان "سالم" يحاول أن يشرح لي قضيته بهدف التضامن معه عبر النشر الصحفي وإيصالها إلى منظمات حقوق الإنسان في العالم، والخجل يرتسم على وجهه. "قضية قد تكون لديكم تافهة، وأخجل أن أطرحها عليكم، لأن لديكم قضايا كبيرة تناضلون من أجلها". هكذا قال وهو يتحاشى النظر إليّ, واستدرك: "لكن هؤلاء يريدون حرماننا حتى من حقنا في حمل اسميْ عائلتينا وإلصاقنا بلقب عائلة ثالثة كل ما لديها مسؤولون يتبوأون مناصب عليا في الدولة".
في سلطنة عمان لا صحافة حرة ولا منظمات حقوقية يستند إليها "سالم" وقبيلته. القضاء وحده من أملوا الإنصاف من جانبه, لكنه خذلهم وأقر إلغاء اسم أسرة تعاني منذ أشهر جراء تغيير وثائقها حسب اللقب المفروض رسمياً ومواليدها الجدد لم يسجلوا في سجلات الدولة للسبب ذاته، فالآباء يرفضون القبول بتدوين أسماء أبنائهم لصالح قبيلة أخرى.
قبل أن يلجأ "سالم" للصحافة اليمنية والمنظمات الحقوقية في صنعاء للتضامن معه وإبراز قضية أسرتين عُمانيتين, كان قد لجأ إلى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي اعتبرت "القرار الذي لم تبرره وزارة الداخلية بنزع هوية مواطنين عمانيين مدونة في وثائقهم الرسمية قبل نشأة دولة عمان نفسها، ويبلغ عددهم نحو450 مواطنًا", معتبرةً أن ذلك "أمر غير قانوني على الإطلاق، ليس من حق شخص أو جهة أن تحرم مواطنًا من اسمه؛ إنه أمر مريب ويثير الشك في دوافعه", بالإضافة إلى تقرير لقناة الحرة الأميركية تحدث خلاله سالم عما وصفته القناة "التمييز العنصري".
ووفق "سالم" ففي مايو 2006 أصدرت وزارة الداخلية العُمانية ممثلَةً في "لجنة تصحيح مسميات القبائل والألقاب والأسماء" قرارًا يقضي بتغيير مسمَّيي قبيلتي "آل تويه" و"آل خليفين" إلى مسمَّى قبيلة "الحارثي", إلا أن القرار الذي لم يعلم به المتضررون إلا بالمصادفة البحتة إثر تجديد وثيقة أحدهم, بدا تطبيقه متخبطاً من خلال تغيير المسمَّيين إلى "بيت تويه" ثم "أولاد تويه" و"أولاد خليفين" ثم إلى "الحارثي" لكليهما.
ووسط استنكار واستغراب ورفض أفراد القبيلتين القاطع لهذا الإجراء الذي اعتبروه "تمييزي عنصري حاطِّ بالكرامة وجَّهوا شكاوى واستنكارات ونداءات إلى أكثر من 18 شخصية اعتبارية مسؤولة في الدولة, طالبوا فيها بإلغاء القرار وإعادة مسمَّييهم الأصليين إليهم، خاصة وأن وزارة الداخلية نفسها أقرَّتهما قبل أكثر من 30 عامًا في جوازات سفرهم وبطاقاتهم الشخصية ووثائقهم الرسمية كافَّة، فضلاً عمَّا يحوزونه من وثائق تعود إلى ستينيات القرن الماضي صادرة من دول أخرى بذينك المسمَّيين، أي قبل قيام سلطنة عُمان الحديثة في 1970، إلا أنهم قُوبلوا بتجاهل تامٍّ عزَّز شعورَهم بالمهانة والاضطهاد ومرارة المواطنة المنقوصة من أبسط مبادئها الطبيعية".
وقال "سالم" أنه قبل اللجوء للقضاء الذي خذلهم, قاموا "بمحاولات عديدة لإيصال شكواهم إلى السلطان قابوس رئيس الدولة، وبسبب المسؤولين عن هذا الشأن ومماطلاتهم وغموض ردودهم لا يزال المتضررون لا يعلمون بوصول شكواهم إلى السلطان أو عدم وصولها".
محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمها بعد جلستين قدَّم خلالهما المتضررون وثائق جديدة إضافة إلى الوثائق السابقة تدحض مزاعم وزارة الداخلية وتُدينها بشكل لا يقبل الشك، من خلال أوراق ثبوتية ومخاطبات صادرة من الوزارة نفسها ومن مكتبي واليي ولايتي إبرا والقابل التابعين لها، عليها توقيعات بعض شيوخ قبيلة "الحارثي" وتفيد بشكل مباشر بأن "آل تويه" قبيلة معروفة لديهم، إلا أن المحكمة قضت بـ"عدم الاختصاص" واعتبرت قرارات وزارة الداخلية داخلةً في ما يُسمَّى بـ"أعمال السيادة". يشير "سالم" إلى أن ذلك يُثير علامات استفهام وتعجب كبيرة حول استغلال هذا المبدأ وتفريغه من محتواه ونزعه من سياقه المتعلق أساسًا بتهديد أمن البلاد. مشيراً إلى أن ذلك ينطبق على وزارة الداخلية باختلاقها الفتنة وإحيائها العصبيات القبلية البائدة.
"سالم" يحدثك بخجل عن قضيته التي يعتبرها حياة أو موت لأسرتين كاملتين ويقدم لك الوثائق المعدة إلكترونياً وكأن بإمكان الصحافة اليمنية التي قال إنها حُرة من خلال تصفحه لبعض منها, أن تقنع جلالة السلطان قابوس بن سعيد رئيس الدولة الجارة بالعدول عن قرار حكومته العنصري, ولكنه يختتم لا ينسى أن يسألك عما هو موقفك إذا كان هناك من سيسلبك كل شيء حتى اسم عائلتك ويفرض عليك اسم عائلة أخرى. ويضيف: "حالياً تجاوز عدد الحالات المتضررة 60 حالةً بينها أطفال مضت أشهر على ولادتهم وما زالوا حتَّى اللحظة بلا أسماء وشهادات ميلاد، ونساء وأزواج بلا عقود زواج، ومرضى بعضهم يعاني حالاتٍ حرجةً لم يتمكنوا من السفر للعلاج بسبب انتهاء جوازات سفرهم ورفض شرطة عُمان السلطانية ووزارة الداخلية تجديدها لهم بمسمييهم الأصليين".
ويتابع: "جميع أفراد القبيلتين تضرروا بشكل أو بآخر بسبب انتهاء وثائق أغلبهم، وبما يتبع ذلك من معاملات يومية ورسمية تراكمت غراماتها المادية وبات أصحابها معرضين للمساءلة, وبسبب ظروف العمل والدراسة في الخارج أُجبر عدد منهم على تجديد هوياتهم بمسمى (الحارثي)".
ويضيف: "في الفترة الأخيرة بلغت الإهانة حدًّا خطيرًا، حيث أُوقف عدد من أفراد القبيلتين في أثناء عبورهم المنافذ الحدودية بين الإمارات وسلطنة عُمان، وقال لهم شرطة الحدود إنهم "يتطوعون" هذه المرة بالسماح لهم بالمرور، لكنهم إن لم يُغيِّروا وثائقهم إلى "الحارثي" فسوف يمنعونهم من المرور في المرات القادمة".
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق